مقالات

المسار القانوني لملاحقة إسرائيل بجرائمها في لبنان: بانتظار الدولة

فرح منصور-المدن
اليوم، وبعد مرور أكثر من شهرين على تطور الأوضاع الأمنية الحاصلة على الحدود اللبنانية-الفلسطينية، بات بديهيًا القول أن توثيق الإعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانيّة يساعد في إدانة إسرائيل ومعاقبتها دوليًا. لكن، في حال عدم توثيق الدولة اللبنانيّة لجميع الإعتداءات التي جرت منذ تشرين الأول الفائت بشكل رسمي، لن يؤدي إلى أي نتيجة فعّالة، وإن تمكنت جميع المنظمات الحقوقية من تأكيدها.

المسارات القانونية
تحت عنوان “المسارات القانونية لملاحقة جرائم الحرب الإسرائيلية ضد لبنان”، نظمت نقابة الصحافة البديلة بالتعاون مع منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية “أمنستي”، جلسة لمناقشة الأطر القانونية المتاحة أمام الدولة اللبنانية من أجل توثيق الجرائم الأسرائيلية على الأراضي اللبنانية، يوم الإثنين، 18 كانون الأول، في جريدة السفير.

التوثيق الرسمي
انطلاقًا من أهمية وضرورة التوثيق الرسمي للجرائم الإسرائيلية، قدّمت النائبة في البرلمان اللبناني، حليمة قعقور، “ورقة رسمية” للجنة الإدارة والعدل منذ أسابيع، عُرض في مضمونها جميع الأطر القانونية (بمساعدة مجوعة من المحامين) المتاحة أمام الدولة اللبنانية لتوثيق هذه الانتهاكات، مشددةً على أهمية تنسيق وتعاون جميع المنظمات الدولية والحقوقية مع الدولة اللبنانية من أجل الوصول إلى مرحلة التوثيق الرسمي، فالإدانة وحدها لم تعد تكفي.

وفي حديثها لـ”المدن” أوضحت قعقور أنها تستعد لرفع “الورقة الرسمية” للحكومة اللبنانية خلال الأسابيع المقبلة لمطالبتها بالتحرك وإتخاذ الإجراءات اللازمة فيما يخص هذا الأمر.

التقارير الفنية
بدوره، شرح رمزي قيس، باحث من منظمة “هيومن رايتس ووتش” مراحل توثيقهم للانتهاكات الإسرائيلية في جنوب لبنان من خلال بعض التحقيقات.  فالتحقيق الأول تعلّق بالغارة الإسرائيلية التي استهدفت السيارة المدنية في جنوب لبنان والتي أدت إلى قتل 3 فتيات مع جدتهن، أما التحقيق الثاني تمحور حول القصف الإسرائيلي للطواقم الإعلامية في الثالث عشر من تشرين الأول الفائت، حين قتل مصور وكالة رويترز عصام عبدلله. وتبيّن بأن استهداف السيارة المدنية كان متعمدًا، ولم تتمكن إسرائيل من تقديم أي أدلة أو أن تبرر هذا الاستهداف، وبالتالي فإن عدم القدرة على التمييز بين الاستهداف المدني والعسكري يصنف أنه من جرائم الحرب التي تستدعي إدانة إسرائيل.

خلال الأشهر الماضية، جمعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مجموعة كبيرة من الأدلة المتعلقة باستهداف الطواقم الإعلامية وتبيّن بأن “مسيّرة” حلّقت فوق الطواقم الإعلامية لأكثر من 25 دقيقة، وأظهرت التحقيقات وجود طائرة مروحية فوق الصحافيين قبل دقائق من قصفهم، وتعرضوا بعدها لضربات إسرائيلية مقصودة خلال 37 ثانية، ما يؤكد بأنه استهداف مباشر ويعتبر من جرائم الحرب.

أمنستي
في السياق نفسه، عرضت رينا وهبي، مسؤولة الحملات المعنية بشؤون لبنان في منظمة العفو الدولية “أمنستي” بعض تفاصيل التقارير التي حققت فيها “أمنستي”، حيث تمت الإستعانة بفرق متخصصة لتحليل الصور والفيديوهات المصورة من أجل توثيق الجرائم المتعمدة، إلى جانب توثيق شهادات بعض المواطنين، إضافة إلى بعض الوثائق الرسمية. وأظهرت هذه المتابعات أن الإعتداء الإسرائيلي على منطقة الضهيرة والذي نتج عنه إصابة 9 مدنيين، كان انتهاكًا قانونيًا، أما التحقيق الثاني الذي استمر لأكثر من شهرين، فحاولت “أمنستي” تحديد نوع الأسلحة التي استخدمت خلال استهداف الطواقم الإعلامية في جنوب لبنان، وطبيعة المنطقة، أما خلاصة هذه التحقيقات فكانت بتصنيف الإعتداء الإسرائيلي أنه من “جرائم الحرب”.  وأكدت وهبي بأن منظمة العفو الدولية حوّلت رسالة رسمية للجيش اللبناني طالبةً منه مشاركتها بنتائج التحقيق التقني ولكنها لم تحصل على أي ردٍ.

وبالرغم من تمكن المنظمات الحقوقية والدولية من توثيق هذه الجرائم، إلا أن المشكلة الأساسية هي الحاجة الملحة لتحرك الدولة اللبنانية بشكل رسمي، فعدم حصول المنظمات الدولية على التقارير الرسمية كان كفيلًا بعرقلة مسارهم المعتمد.

تأخر الإجراءات القانونية
وهذا ما شرحه المحامي فاروق المغربي، الذي أكد بأن الرسالة التي جهزت لتحويلها للمفوض السامي لحقوق الإنسان بعد قتل المصور عصام عبدلله تأخرت لأشهر بسبب عدم تقديم التقارير الفنية والتقنية من الجيش اللبناني واليونيفيل، مؤكدًا بأنهم تواصلوا مع الجهات الرسمية من دون الحصول على أي إجابة. لافتًا إلى ضرورة تحويل هذه الرسالة الرسمية منذ الأسبوع الأول للاستهداف، وهو الأمر الذي لم يحصل بسبب عدم توفر التقارير الفنية الرسمية.

وعليه، فإن أهمية التوثيق تكمن في تحويلها للمجتمع الدولي من أجل تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية، وأيضًا لمحاكم العدل الدولية القادرة على إدانة إسرائيل. وهنا أوضحت قعقور بأن العديد من الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل كانت أدلة واضحة لإدانة إسرائيل وكان متاحًا أمام الدولة اللبنانية عرضها للمجتمع الدولي ولمحكمة العدل الدولية، وعلى رأسها التهديدات المستمرة بإبادة لبنان، لكون التحريض على إبادة أي بلد يعتبر جريمة، إضافة إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، وانتهاك إتفاقية “جنيف” والأعراف الدولية، مؤكدةً بأننا بحاجة ملحة لمساعدة الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية من أجل توثيق هذه الجرائم.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى