اخبار لبنان

بعد الزلزال في بعلبك طـ.ـوفان البعث في البقاع الغربي

بعد الزلزال في بعلبك طـ.ـوفان البعث في البقاع الغربي

 

مفيد سرحال

 

لم تكد تغيب رايات حزب البعث العربي الاشتراكي من باحة مجمع السهول في البقاع الغربي، في ختام احتفالية الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس الحزب حتى ارتفعت مكانها التساؤلات والتكهنات والتحليلات والاجتهادات- وكلها بالتأكيد مشروعة وطبيعية -حيال الاندفاعة البعثية البقاعية ومحرك آليات اشتغالها الأمين العام للحزب علي حجازي بإدارة تنظيمية عالية المستوى وخطاب سياسي محبوك بعناية حرفي الذهب و الصائغ المتمكن للكلمات المعتمدة بكياسة لبقة ولائقة، لتحاكي الأمزجة العامة وتؤسس للقطع مع الماضي، والسعي الدؤوب لتبديد غيمة الضدية التنابذية الحادة والمواقف المسبقة واعتمالات الصدور في حقبة زمنية محددة.

 

لقد حقق علي حجازي وقيادته المركزية في زمن قياسي قفزتين نوعيتين تعتبر إشاحة النظر عنهما في السياسة ضربا من الخفة والاستنقاع في السذاجة واللامبالاة الجاهلة.

 

القفزة الأولى، على مستوى التنظيم والتعبئة الحزبية والاستقطاب واحتواء الأزمات وتنشيط بنية الحزب المنهك تحت وطأة ظروف ضاغطة ذاتيًّا وموضوعيًّا.

 

أما الثانية، فقد ربح حزب البعث العربي الاشتراكي باقتدار وجدارة في زمن الضمور الحزبي معركة إثبات الذات والمشهد يشهد.

 

فإذا كان احتفال بعلبك زلزالًا سياسيًّا على مقياس بعث متجدد قد شكل هزة سياسية لا زالت ارتداداتها المدهشة حاضرة وملء السمع والبصر، فإنَّ السيل البشري الهادر الذي شهدته أرض نادي السهول في البقاع الغربي، حيث احتشد الآلاف من البعثيين والذين قدَّرتهم الأجهزة الأمنية دون سواها بعشرة آلاف شخص قدموا من خارطة انتشار البعث على امتداد الوطن لإحياء ذكرى تأسيس حزبهم السابعة والسبعين، ولم تستطع بعض المنصات الإعلامية تجويف صورة الدفق البشري من خلال كليشيهات باهتة زائفة ومبتذلة حول هوية المشاركين، حيث لم تسمع لا لهجة إيرانية ولا لكنة سورية في المهرجان، كما أن ممثلي الأحزاب حضروا بصورة رمزية لتسقط بروباغاندا التبخيس و”التفخيت”.

 

أما في السياسة، فإن اللهجة واللغة اللتين اعتمدهما علي حجازي خلال 250 زيارة في البقاع الغربي والأوسط لفاعليات وعائلات وشخصيات، وتركيزه على القطع مع الماضي ومدِّ اليد لجمهور طالما تحسس العلاقة مع البعث باعتباره ذراعا سورية قد ترك كل ذلك انطباعا عميقًا وارتياحًا وصدقية لدى الناس بأن بعثًا جديدًا يتشكل، وسوريا جديدة- إذا صح التعبير -بدأت معالم ارتسامها تتبلور في الوجدان العام البقاعي على وجه التحديد.

 

لقد أخلى علي حجازي بالثقة الممنوحة له من القيادة السورية سبيل عشرات الموقوفين في سوريا وأسقط مئات ملفات لمنع الدخول أو المراجعات لدى الأفرع الأمنية السورية، ناهيك عن خطاب وحدوي جامع نابذ للتفرقة .

 

لقد أثمرت أدبيات وسلوك حجازي في حجز هذا الكم البشري الهائل في نادي السهول، حيث شوهدت وجوه وعائلات لطالما كانت تناصب البعث العداء حاضرة في المهرجان دون وجل أو خجل.

 

وهناك مسار بدأت تتضح ملامحه من خلال معلومات خاصة بأن البعث وعلى رأسه حجازي أعد العدة الحزبية النشطة للتشبيك مع الناس من خلال ورشة تفاعل وتواصل ومد جسور حزبية واجتماعية، وترسيخ قواعد جديدة للتنظيم ورفع مستوى العلاقات العامة كما الاهتمام بالقضايا الحياتية.

 

أما المسار فإنه سيمتد بداية على طول الحدود مع سوريا من راشيا والبقاع الغربي مرورا بالبقاع الأوسط امتدادا إلى البقاع الشمالي وصولا إلى عكار ثم التفرغ لباقي المناطق اللبنانية حيث إنَّ البعث حزب عريق عابر للمناطق والطوائف.

 

وعود على بدء لناحية التساؤلات: ما سرُّ عودة التلاقي مع البعث في هذا الظرف بالذات، لاسيما من جمهور لطالما نظر إليه من منظور عدائي؟

هل لشخصية علي حجازي الكاريزماتية دور في ردم الهوة والذي استُقبِلَ في بيوتات لا تلتقي مع فكره السياسي ؟؟

 

هل كسر علي حجازي البعثي العقائدي المتكئ على العروبة نهجًا ومبدأ الصورة النمطية للبعث في لبنان لترتسم بنقاء حضاري إنساني ملامح صورة جديدة لسوريا لطالما سعى الرئيس بشار الأسد إلى بلورتها بقناعاته القومية ورؤيته الوطنية وبالطبع يعي البقاعيون كاللبنانيين أهمية طريق الشام وحيوية العلاقة مع سوريا على كل الصعد ؟؟

 

هل التقارب السعودي الخليجي مع سوريا انعكس على الأمزجة والأنسجة العقلية والوطنية في لبنان ومقبولية البعث في مكان ما تأخذ بعين الاعتبار هذا الطارئ الاستراتيجي الذي يؤكد لسوريا دورها ومكانتها العربية كمركز للقرار القومي؟؟

 

هل نحن أمام مرحلة جديدة تتصل بتركيب السلطة في لبنان سيكون لسوريا الدور المركزي في صياغة تجميلية للطائف في ظل الاستعصاءات التي عطلت الانتظام العام للمؤسسات بعد فشل كل محاولات ترميم التصدعات الوطنية وحل الملفات الشائكة كالنازخين على سبيل المثال؟

 

باختصار شديد البعث في لبنان بقيادة علي حجازي وفريق عمله يعكس صورة متجددة لسوريا على مستوى الدور في لبنان..

 

وإزاء كل هذه التساؤلات وتمهيد الأرض وتهيئة المناخات من البعث في التماهي النشط والفعال مع البيئات والقوى كافة المشفوع بحضور شعبي وحزبي لافتين…

 

مع هذا الكم من الغموض البناء نسارع للقول: عند علي حجازي الخبر اليقين.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى