في ظل عدم وجود شرعية دولية وجيش منهك، فإن نشوب حرب واسعة النطاق في لبنان سيدفع الكيان إلى الهاوية

في ظل عدم وجود شرعية دولية وجيش منهك، فإن نشوب حرب واسعة النطاق في لبنان سيدفع الكيان إلى الهاوية
عاموس هرئيل – صحيفة هارتس :
مع بدء الشهر التاسع للحرب، من الصعب الحديث عن أخبار جيدة في الأفق، فسلسلة المحادثات التي جرت في الأسابيع الأخيرة مع مسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية أظهرت مزيداً من المؤشرات التي تدل على أن الكيان في مواجهة إخفاق ذريع متعدد الأبعاد. فعلى المستوى الاستراتيجي؛ نحن عالقون في كل الجبهات، كما أن الجبهة الأكبر والأخطر بينها (في مواجهة حزب الله في لبنان) توشك أن تندلع منها حرب واسعة، إذا حدثت، فستلقي بظلها على كل ما حدث سابقاً. ويبدو أن الاتصالات بشأن صفقة الأسرى مع “حماس” تواجه أزمة، بعد أن بدا للوهلة الأولى أن خطاب الرئيس الأميركي بايدن ربما سينجح في إخراج العجلة من الوحل. صحيح أن العمليات العسكريةفي قطاع غزة تتمركز الآن في رفح وفي مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، وتُكَبِّدُ “حماس” ثمناً، لكنها لا تتقدم نحو الانتصار في الحرب في الأفق المنظور.
وقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً في الشمال، ونشبت، يوم الاثنين، حرائق هائلة في كريات شمونة وفي الكيبوتسات المجاورة، جرّاء إطلاقحزب الله صلية من الصواريخ والمسيّرات من جنوب الحدود. وبعد يومَين، بادر الحزب إلى شن هجوم بالمسيّرات على قوة من الاحتياطيين كانت تنتشر في منطقة مفتوحة بالقرب من القرية الدرزية حرفيش، وهو ما أدى إلى مقتل جندي وجرح عشرة آخرين.
وكما هو الأمر في الأفلام الأميركية القديمة، فإن الكيان وحزب الله يلعبان لعبة “مَن يستسلم أولاً؟” وربما الكليشيه القديم القائل إنه ليست لدى الطرفَين مصلحة في اندلاع حرب شاملة لا يزال صحيحاً، لكنهما يمكن أن يصلا إلى هناك نتيجة خطأ في الحسابات. وكما في غزة،كذلك على الحدود مع لبنان، لم ينجح الكيان في ترجمة الكم الكبير من الإنجازات التكتيكية إلى نصر استراتيجي. وكان الأمين العام لحزبالله، حسن نصر الله، اتخذ في بداية الحرب قراراً بالمشاركة في الجهد الحربي في الشمال، وجذب قوات كبيرة من جيش العدو الإسرائيلي إلى الشمال، وبهذه الطريقة، ساعد “حماس” في غزة، من دون الانجرار إلى مواجهة شاملة. وبعد انهيار وقف إطلاق النار الأول في كانون الأول/ديسمبر، أعلن عودة المواجهات، وأنه سيوقف النار فقط عندما تنتهي الحرب في غزة.
ويكفي ما فعله حتى الآن؛ إذ قام بإبعاد 60,000 إسرائيلي عن منازلهم على طول الحدود، وتسبب باستمرار الخسائر في الشمال، وقام بإطلاق عشرات الصواريخ والمسيّرات يومياً، كي يزيد من إحباط الناس والضغط على الحكومة كي تتحرك. وهكذا، وُلدت الفكرة التي لا تزال قيد الدرس في القيادتَين الأمنية والسياسية، وهي زيادة الهجمات بصورة كبيرة على حزب الله على أمل دفعه إلى وقف النار، وتجنُب الحرب الشاملة.
لكن المؤيدين لهذه الفكرة فشلوا في تفسير السبب الذي يدفعهم إلى اعتقاد أن حزب الله سيتراجع، وأن إسرائيل لا تزال قادرة على الاستمرار في مهاجمة الحزب من دون أن يؤدي ذلك إلى حرب.
ويريد بعض وزراء الليكود واليمين المتطرف الذهاب إلى أبعد من ذلك، وشن هجوم شامل على حزب الله. وفي الأسبوع الذي تحل فيه الذكرى 42 لحرب لبنان الأولى [1982] الفاشلة، يبدو أن هؤلاء الأشخاص لم يتعلموا شيئاً من التجربة الإسرائيلية الأولى لفرض نظام جديد فيلبنان. وبالنسبة إلى البعض من هؤلاء، فإنه من الضروري قصف إيران الآن، والقضاء على التهديد النووي هناك، ومن الواضح جداً أنه ليست لديهم أي فكرة عن الوضع الحقيقي لجيش العدو الإسرائيلي وقدراته.