إسرائيل تنزل إلى البرّ… مرغَمة: اختبارات محدودة لا تجلب «النصر»
في هذا الإطار، حُكي في الأيام الأخيرة عن أن تجميد الخيار البرّي مرتبط، كما يبدو، بمفاوضات تبادل الأسرى. كما كان لافتاً ربْط التأخير في مباشرة المناورة البرية، بالضرورات الميدانية واللوجستية للقوات الأميركية في المنطقة، والتي تحتاج، وفقاً للتقارير الأميركية والإسرائيلية، إلى مزيد من الوقت لاستكمال استعدادها لمواجهة الهجمات التي تنتظرها في حال بدأت العملية البرية. لكن، هل الأسباب التي سيقت لتبرير التأخّر البرّي، هي الأسباب الحقيقية، أم أنها مجرّد مسوّغات لتغطية السبب الرئيسي؟ وفقاً لما يرد على لسان الخبراء في تل أبيب، فإن جزءاً من الحقيقة، وربّما كلها، سيتكشّف لاحقاً، وربّما في أعقاب انتهاء الحرب، وحينئذٍ فقط يمكن الإجابة عن تلك الأسئلة.
لكن، إن كانت العملية البرية غير مقدور عليها فعلاً، فهل هذا يعني انتفاءها؟ بالتأكيد لا، إلا ما حدث إلى الآن يُعدّ بمنزلة محاولة لتلبية حاجات موضعية في أكثر من اتّجاه، يمكن إجمالها بالآتي: التأكيد أن الجيش الإسرائيلي «لا يخشى» الهجوم البري، تسليط مزيد من الضغط على حركة «حماس» بما يؤمل أن يدفعها إلى الانكفاء عن سقوفها العالية في مسألة الأسرى، طمأنة الجمهور الإسرائيلي إلى أنه في مقدور الجيش تأمين «البضاعة الأمنية» اللازمة، وفحص جهوزية «حماس» وخطوط دفاعاتها الأولى ميدانياً، وكذلك فحص النيات التصعيدية لأكثر من جهة على امتداد ساحات المواجهة، بعدما أخفقت التقديرات الاستخبارية في حسم نيّات تلك الجهات، وتحديد طبيعة الخطوط الحمر التي يمكن أن تدفعها إلى تفعيل قدراتها.
بناءً عليه، يُطرح السؤال: متى يَصدر القرار ببدء «المناورة البرية»؟ يصعب تحديد ذلك، كون أصل القرار لم يُحسم بعد، لكن الأكيد أن إسرائيل تخشى أن تخسر الحرب، أو بعبارة أدق: أن تنتهي الحرب وما زالت خاسرة فيها. على أنها تدرك في الوقت نفسه أنه لا استعادة لـ«المكانة» التي كانت عليها، من دون دخول برّي «ساحق»، ما دونه عراقيل وأثمان كثيرة، وهو الأمر الذي يفسّر استطالة المراوحة في هذه الحرب، مقارنةً بما سبقها من حروب. أمّا إن حسمت إسرائيل قرارها بالاستعاضة عن الخيار البري بمناورات وتوغلات محدودة ومحسوبة جيداً، فستكون قد حكمت على نفسها بخسارة مضاعفة.