سيناريوهات خطاب نصرالله: شروط الحرب وحدود الانتصار
سيناريوهات كثيرة صيغت حول إطلالة أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله الخاطفة، بفيديو “الخطوات الثلاث”. وما زاد منها هو الإعلان -بعد ساعات على نشر الفيديو- عن كلمة له يوم الجمعة المقبل.
ما قبل الإعلان عن الكلمة، برزت تفسيرات وتحليلات كثيرة، بينها أن المشهد يوحي بالتحضير لخطاب، وبينها أيضاً استنتاجات بأنه يدخل إلى غرفة اجتماعات أو غرفة العمليات العسكرية لمواكبة ما يجري، وإعطاء إشارة تتصل بتوسيع نطاق العمليات العسكرية. أما ما بعد تحديد موعد الكلمة، فتكاثرت التخيلات حول ما سيقوله الرجل، والذي ينتظره اللبنانيون، الإسرائيليون، الفلسطينيون، العرب والغرب.
بعض التخيلات ذهبت إلى حدود الاعتبار بأنه سيعلن الحرب، فيما بعضها الآخر يشير إلى أنه سيعلن الانتصار وبداية انكسار إسرائيل. أما آخرون فاعتبروا أنه يريد الإطلالة في سبيل مواكبة ما يجري، ورسم ملامح المرحلة المقبلة، على وقع استمرار حزب الله في عملياته بالجنوب والتي يمكن لها أن تتصاعد أو تتراجع حسب الوقائع العسكرية في غزة.
احتمالات متعددة
من بين الاحتمالات المطروحة للكلمة أيضاً، هو أن تكون المفاوضات التي تقودها جهات دولية عديدة، قد شارفت على الوصول إلى اتفاق معين على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين أو عدد منهم. ما سيؤدي إلى هدنة إنسانية تريح الوضع العسكري وتفتح المجال أمام استكمال المفاوضات. وهذا بحال حصل، سيعني تحقيق حركة حماس ومحور المقاومة إنجازاً وانتصاراً. وهو ما سيتحدث به نصرالله. احتمال آخر، يتصل بإمكانية رفع حزب الله لمنسوب عملياته العسكرية وانتقالها إلى عمليات نوعية ضد مواقع العدو الإسرائيلي. وبالتالي، الإعلان عن الانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهات، فتكون إحدى العمليات النوعية قد استقبت إطلالة نصرالله، من دون أن يذهب هو لإعلان الحرب الشاملة.
إحتمال ثالث، هو أن يبقى نصرالله في إطار التعليق على ما يجري وعدم الغياب عن المشهد، إلى جانب التماهي مع العنوان الأساسي للإطلالة وهو “تكريم الشهداء على طريق القدس”، ووضعها في إطار مواكبة العمليات العسكرية الجارية، على أن يكون الخطاب هو الأول ضمن سلسلة إطلالات أخرى قد تقتضيها المرحلة المقبلة.
عملياً ومنطقياً، وبالاستناد إلى الدعوة للناس والجمهور لحضور هذا الاحتفال في مراكز محددة، يعني استبعاد اللجوء إلى إعلان الحرب، لأنه لا يمكن توجيه دعوات للناس وتجمهرهم في أماكن معينة في ظل ظروف حربية، كما أن احتشاد الناس قد لا يبقى محصوراً في القاعات، ربما ستتداعى جماهير إلى الشوارع والطرقات لمواكبة الكلمة ومشاهدة نصرالله. وهذه إشارة قد تكون واضحة للداخل والخارج أيضاً الذي يترقب وينتظر. ولكن وفق العقل “الأمني” أو المؤامراتي، فهناك احتمالان آخران. الأول أن يلجأ الحزب إلى تنفيذ عملية نوعية وكبيرة في حال استمر الغزو الإسرائيلي البري إلى غزة، وعدم نجاح المفاوضات، وتكون نتائج هذه العملية كبيرة جداً، ما قد يستدعي إلغاء التجمعات لأسباب أمنية وعسكرية، والاكتفاء بإطلالة نصرالله التلفزيونية، فتكون الإشارة المراد إيصالها من خلال هذه الدعوات هو فخ للإسرائيليين وطمأنة لهم، فيستعيد الحزب القدرة على المباغتة والمفاجأة. والثاني، هو لجوء الحزب إلى هذه الآلية في توجيه الدعوات والإبقاء على الاحتفال وبعده أو خلاله يتم تنفيذ العملية النوعية.
التباينات الأميركية الإسرائيلية
بالعودة إلى الوقائع السياسية والعسكرية، تتجدد التصريحات التي تهدف إلى استبعاد الحرب ومنع حصول تطورات شاملة في المنطقة، وهذا ما يبرز في مواقف الأميركيين الذين يحضون الإسرائيليين على عدم تنفيذ هجوم بري جدي على قطاع غزة، أو اعتماد سياسة القضم البطيء لتجنب انخراط حزب الله في الصراع.
هنا لا يمكن إغفال التباينات الأميركية الإسرائيلية أكثر فأكثر. على الجهة المقابلة، فلا إيران ولا حزب الله يريدان الحرب إلا إذا فرضت عليهما، وليس من التفصيل أن يتقصد وزير الخارجية الإيراني الإطلالة عبر قناة سي. أن. أن الأميركية ومن قلب الولايات المتحدة.. مع خطاب تهدوي ولا يتبنى أي مسؤولية في ما يجري، بالإضافة إلى اشارة تراجعية حول مسألة توسيع الجبهات وفتحها، والحديث عن ضرورة البحث في مفاوضات إطلاق سراح أسرى مقابل الرهائن الإسرائيليين.