حماد صبح: فوائد الشراكة الاستراتيجية لسوريا والصين 

• حماد صبح: فوائد الشراكة الاستراتيجية لسوريا والصين 

حماد صبح

⁨26 سبتمبر 2023⁩

انتهت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين بإعلان البلدين عن إقامة شراكة استراتيجية بينهما ، وصفها الرئيس الصيني شي جين بينج بأنها ” ستكون محطة مهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين . ” . وزيارة الأسد للصين وما انتهت به مظهر توسع للنفوذ الصيني في الشرق الأوسط شمل حتى الدول الخليجية التي تدور تاريخيا في الفلك الأميركي والغربي إجمالا ، فهي التي توسطت في المصالحة بين الرياض وطهران في مارس / آذار الماضي والتي انتهت بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد انقطاع دام سبع سنوات . وفي وقت زيارة الأسد ، زارها ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح . فما فوائد الشراكة الاستراتيجية لسوريا والصين؟!

نبدأ بفوائدها لسوريا.

ـ أولا: ستعزز التأييد الصيني لها سياسيا ودبلوماسيا في الساحة الدولية، وهو تأييد كان دائما قويا إلا أنه مهيأ  الآن لمزيد من القوة وتنامي التنسيق بين الدولتين، ومن أثره التقليل من خطورة شرور السياسة الأميركية على سوريا في الساحة الدولية، وهذا سيقوي قدرة سوريا على استعادة وحدة أراضيها وسيادتها الوطنية عليها. والدولتان على كل حال في خندق مواجه للخندق الأميركي على تفاوت بينهما.

ـ ثانيا: وهذا بيت القصيد ، ونقصد مساهمة الصين في إعادة إعمار سوريا بعد ما نكبها من خراب عمران وبيوت وبنية تحتية في حرب الأعوام الاثني عشر التي ما زالت تبسط ويلاتها على بعض أطرافها  سرقةً أميركية لثروتها النفطية والزراعية ، وتقطيعا  لوحدتها الوطنية . والصين صاحبة قدرة ومهارة مشهورتين في الإعمار إتقانا وجودة إدارة وسرعة إنجاز وقدرة تمويل بقروض ميسرة الفوائد ، ودون أيما مسعى منها لأي نفوذ سياسي يضر سيادة البلد الآخر، أو نفوذ  ثقافي سيء المقاصد.

وهي في هذا تختلف اختلافا كليا عن الدول الغربية التي تضر العلاقة معها أضعاف ما تنفع ، وتركز على حجم  فوائدها المتنوعة  في أي علاقة دون اعتبار لفوائد الطرف الآخر خاصة إن كان من دول العالم الثالث. ومساهمة الصين في إعادة إعمار سوريا ستسرع من عودة كثيرين من مواطنيها الذين أكرهتهم الحرب على الفرار منها ، وأضنتهم أهوال الغربة ، وقطعت نسيجهم الاجتماعي. وللصين تجربة طويلة غنية بالخبرة والمهارة في إعادة تدوير المواد المستعملة ، ومخرت سفنها بحار العالم طويلا لجلب هذه المواد ، فأغنتها في صناعتها عن شراء المواد الخام بتكلفة مالية عالية ، وجعلت مصنوعاتها رخيصة الثمن ، وذات قدرة تنافسية فتحت لها أسواق العالم .

ولسوريا أن تستفيد من هذه التجربة الصينية.  والشعب السوري شعب مهارات عريقة ، وقابلية حيوية لإتقان مهارات جديدة . وقد تفتح الشراكة الاستراتيجية لسوريا باب الاستفادة من السلاح الصيني شراء وخبرة تكنولوجية ، ولها أن تستفيد من خبرة الصين العسكرية . ونأتي لفوائد الصين من الشراكة الاستراتيجية .

واضح منطقا واستنتاجا  أن في الفوائد السورية فوائد صينية موازية بقدر أو بآخر ، أما الفوائد الصينية الخاصة فهي: أولا : ستكون سوريا صديقا موثوقا لها في الشرق الأوسط يختلف عن بقية أصدقائها فيه لما بين سوريا وأميركا من عداء ونفور ، وهذا قاسم يوحدها مع  الصين ولا وجود له لدى بقية أصدقائها   في الشرق الأوسط ، وللدولتين هدف تشاركهما فيه روسيا ، ونقصد به تحرير العالم من القطبية الأميركية الظالمة المخربة ، وسيرا على طريق هذا الهدف سيكون مفيدا أن تتعامل الدولتان في علاقاتهما الاقتصادية والتجارية بالعملة الوطنية لكل منهما ابتعادا عن الدولار الأميركي .

وتحسن الحال في سوريا واستقرارها يوسع استيرادها للسلع الصينية ، وهذه فائدة صينية . وفي المجال الثقافي يستطيع البلدان تفعيل تعليم لغة أحدهما في البلد الآخر ليسهل التعامل بينهما ، واللغة وما تجسده من أدب وثقافة وأفكار ومشاعر وتجارب وسيلة عظيمة الفاعلية في التقريب وبين الشعوب ، وتخلق الشعور بالألفة بين أبنائها . ومبكرا وصف الجاحظ  الصينيين بأهل حرف وصناعات ، وهو فوق كونه أديبا وناقدا  عالم اجتماع كبير وحاذق في تصنيف البشر . والصينيون يجلون الحضارة العربية الإسلامية وشخصياتها في مختلف فروعها . قال الرئيس الصيني الأسبق ماوتسي تونج لصحفي عربي : ” لديكم عمر بن الخطاب .” ثناء منه على مزايا الفاروق الشخصية في العدل والمهارة الإدارية والتعفف عن المال العام والشعور بالمسئولية عن كل شأن من شئون الأمة مهما صغر .