اخبار لبنان

فاطمة عواد الجبوري: الأيدي الخفية للولايات المتحدة في أحداث مخيم عين الحلوة

فاطمة عواد الجبوري: الأيدي الخفية للولايات المتحدة في أحداث مخيم عين الحلوة

فاطمة عواد الجبوري

⁨26 سبتمبر 2023⁩

لطالما رددنا فرضية اللجوء الدائم للشعب الفلسطيني الذي ظلمته أطراف دولية وإقليمية عدة منذ عقود، وها هي أحداث عين الحلوة تؤكد مرة أخرى على المعاناة الفلسطينية المستمرة وكيف أن هناك مخطط لاستمرار هذه المعاناة. في الإطار العام يبدو بأن الأحداث هدأت بعض الشيء بعد أيام من الاشتباكات المسلحة الضارية بين الفصائل الفلسطينية المتواجدة في المخيم في لبنان. وبعد الهدوء حان وقت إحصاء الأضرار التي تسببت بها هذه الأحداث ويبدو بأنها كبيرة للغاية.

تشير الإحصائيات الأولية إلى تضرر أكثر من 3600 منزل. وبلغت الخسائر الإجمالية ملايين الدولارات.

وقالت مصادر حركة «حماس» إنها أنجزت مسحاً أولياً استناداً إلى تقارير لجان الأحياء، وسجّلت تضرر 1200 منزل جزئياً و124 منزلاً بشكل كامل في الجولة الأولى، وقدّرت قيمة الخسائر بين 15 و20 مليون دولار. وسجّلت الجولة الثانية تضرراً جزئياً لأكثر من 2000 منزل، فيما دُمر أو احتُرق كلياً أكثر من 250 منزلاً، وقُدرت الخسائر بنحو 30 مليون دولار. وتضرر 70% من المحال التجارية، وأصيبت 70% من خزانات المياه على الأسطح بشكل مباشر، كما لحق الضرر بـ 80% من ألواح الطاقة الشمسية، و80% من كابلات الكهرباء.

وبعيداً عن الخسائر المالية والمادية، يبدو بأن أجزاء وأحياء كاملة في المخيم لم تعد صالحة للسكن وهذا ما دفع إلى لجوء أكثر من 4 آلاف شخص إلى مراكز تابعة للأونروا في مدينتي صيدا وسبلين. كما لا زال مصير 6 آلاف طالب مسجلين في مدارس الأونروا مجهولاً إلى هذه اللحظة ومن غير المعلوم إذا ما كانوا سيحضرون العام الدراسي أم لا!!

بعد كل هذه الأضرار واللجوء المستمر من المخيم لا يزال السؤال الأصلي عالقاً وهو: من كان وراء هذه الاشتباكات؟

في الحقيقة إن محاولات فهم اشتباكات الأخوة من خلال التحليل المنطقي سوف تبوء بالفشل، وذلك لإنه لا معنى ولا مبررات منطقية لهذه الاشتباكات، إلا أن البحث عن أيدي خفية وتحركات خلف الستار قد توضح الهدف من هذه الاشتباكات. سرّبت صحيفة الأخبار اللبنانية وثائق عن سفارة عربية في بيروت كشفت فيها أن الولايات المتحدة هي من تقف خلف هذه الاشتباكات الدامية وذلك لتحقيق هدف واضح هو تصفية قضية اللجوء الفلسطيني بشكل كامل. وعليه فإن شهرين من الاشتباكات الدامية في مخيم عين الحلوة الذي يوصف بأنه “عاصمة الشتات الفلسطيني” كانت مجرّد إعادة إحياء لمشروع قديم يهدف إلى إنهاء ملف اللجوء الفلسطيني في دول الطوق، وقد بُدء هذا المشروع من لبنان هذه المرة.

تشير الوثيقة بشكل صريح إلى أنّ أحداث مخيم عين الحلوة قد تم التحضير لها منذ سنوات وذلك بهدف تصفية المخيم بشكل كامل. زارت قيادات أمريكية رفيعة المستوى المناطق القريبة من المخيم في العام 2018 على رأس هذه الشخصيات العسكرية كان قائد القيادة العسكرية الوسطى آنذاك الجنرال “جوزيف فوتيل”. ويبدو بأنّ أهم التفاصيل السرية التي تم تسريبها هو أن الهدف الأساسي الذي لم يفصح عنه الأمريكيون للجانب اللبناني يتعلق بعملية مواكبة صفقة القرن وفرض واقع يؤدي إلى إنهاك الفلسطينيين وفرض توطين قسم منهم في لبنان وتهجير قسم آخر إلى دول يمكن أن تستقبلهم.

على الجانب اللبناني فقد اشتكى العديد من المسؤولين اللبنانيين من هذه السياسات الأمريكية السرية في تصفية المخيم خصوصاً بأن الأمريكيين لم يشاركوا أي من هذه المعلومات مع الجيش اللبناني الذي كان من المحتمل أن يتضرر من هذه الأحداث.

تشير الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة إلى أن الولايات المتحدة تقف خلف العديد من الملفات الشائكة في منطقة الشرق الأوسط وبأن هذه الدولة لا تزال تمارس تحركات سرية بهدف تصفية القضية الفلسطينية أو نشر الفتن في الدول العربية. وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة إلا أن الوضع مرشح دوماً للإنفجار مرة أخرى وهناك تخوف من السكان بشأن عودة الاشتباكات مجدداً وهذا بالطبع يمكن أن ننسبه إلى المخطط الأمريكي غير المكتمل.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى