مفتي الجمهورية: الاستحقاق الرئاسي سيحصل والطائف هو الضمانة بري يبيع الحوار “متل الشاطرين” ولودريان: هلمّوا إلى “الخيار الثالث”
نداء الوطن
تحرّكت أمس المواقف المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، فجأة، وفي وقت واحد. ففي حين كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يسحب مبادرته من التداول بطريقة ملتبسة، أطلّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان بدعوته الى «خيار ثالث» منهياً مساراً طويلاً للمبادرة الفرنسية المنحازة الى خيار فريق الممانعة. وليلاً، غادر السفير السعودي وليد البخاري بيروت الى الرياض لينضم اليوم الى لقاء المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والموفد الفرنسي لودريان الموجود هناك.
ووسط هذا التبدل في المشهد الرئاسي، أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أنّ «الاستحقاق الرئاسي سيحصل مهما اشتدت العواصف».
هل من تفسير لهذا التبدل السياسي؟ تجيب مصادر بارزة في المعارضة بالقول لـ»نداء الوطن» إنّ انسحاب الرئيس بري من مبادرته، لم يترافق وعودته الى الدستور بأن يدعو الى جلسة مفتوحة بدورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية. وتابعت: «معنى خطوة بري الجديدة، أنه لا يريد الانتخابات الرئاسية».
واعتبرت المصادر أنّ موقف لودريان الجديد «يعني أنّ الممانعة تراكم خسائرها، إذ كانت المبادرة الفرنسية داعمة لها وانتهت الى غير ما تريد». وقالت: «الأمور صارت في مكان آخر، فاللجنة الخماسية برمتها مع خيار ثالث». وتساءلت: «لماذا لا تسمّي الخماسية الأشياء بأسمائها ولو أدى ذلك الى وقف وساطتها، ما دامت الممانعة متمسكة بخيارها، أي ترشيح سليمان فرنجية؟»، وخلصت المصادر الى القول: «الممانعة تستجرّ مقايضة وتدخّلاً أميركياً لتحصل على ثمن».
أما الرئيس بري المنسحب من مبادرته، فجاء موقفه عبر وسائل الإعلام وليس من خلال بيان صادر عنه مباشرة، إذ قال ما يفيد إنّ مبادرته باتت غير موجودة: «لقد أدّيتُ قسطي للعُلى». وردّ على دعوة لودريان الى «الخيار الثالث»، فقال: «هيدي قيمة الحوار». وأضاف: «تعاونت مع الفرنسي وسهّلت مهمته، وأتعاون الآن مع القطري واتمنى له النجاح». ولفت الى «مجموعة أسماء يطرحها القطري وليست محصورة باسم معين». وخاطب الفرنسي والقطري من دون أن يسميهما: «دائماً كنت أقول: منتشكركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب، لكن مش لتسمولنا اللي بدنا ننتخبه. لم أكن يوماً إلا متعاوناً مع أي مبادرة خارجية، ومرشّحنا سليمان فرنجية، وحتى الآن ما في plan B»!
واستطرد مردداً ما سبق وصرّح به لـ»نداء الوطن» في 22 الجاري: «تبين أنه ما بهمن الكنيسة القريبة». وأضاف: «بكرا إذا أي طرف خارجي أشرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار، بيجوا متل الشاطرين»! ورأت مصادر المعارضة أن توصيف «متل الشاطرين»، ينطبق على خطوة الرئيس بري بعدما انحنى أمام الاعتراض المسيحي الكبير والموقف الحاسم لـ»الخماسية»، وذهاب «حزب الله» في اتجاه قطر عن طريق طهران»، كما تفيد المعلومات.
وعما تردّد عن موعد انتخاب رئيس جمهورية في تشرين المقبل، قال بري: «أنا لا اتحدث عن مواعيد، ولكن اتمنى أن ننتخب اليوم قبل الغد». وأضاف: «طالما القوات (اللبنانية) لحالها مش جايي عالحوار قررت ألا أدعو اليه».
في المقابل، صدر عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بيان جاء في مستهله: «دولة الرئيس نبيه بري، لا لم تؤدِّ بعد قسطك للعُلى». وخلص الى القول: «الحلّ، يا دولة الرئيس، موجود وهو بيدكم، وجلّ ما هو مطلوب منكم الدعوة إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وأغلب الظنّ أنّه سيكون لنا رئيس للجمهورية في الدورة الثانية».
ومن بيروت الى باريس، حيث دعا الموفد الفرنسي لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لأزمة انتخابات الرئاسة بعد نحو 11 شهراً من الشغور، وقال في مقابلة مع «وكالة فرانس برس» بعد ثلاثة أشهر من بدء مهمته: «من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين».
ولفتت الوكالة الى أنّ اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون يتردّد بوتيرة متزايدة كمرشح بديل غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي.
ورداً على سؤال، رفض لورديان تسمية مرشّح، مؤكداً أنه ليس إلا «وسيطاً»، وأنّ الأمر متروك للبنانيين لإبرام تسوية.
ويعتزم لودريان العودة مجدداً إلى بيروت «خلال الأسابيع المقبلة» لإطلاق مسار جديد لمهمته، ويفترض أن تستمر «أسبوعاً تقريباً».
وبحسب الوكالة الفرنسية، لا يزال مطروحاً احتمال فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة. وقال لودريان في هذا السياق «من الواضح أنها فرضية» مطروحة، في موازاة إصراره على أنّ «الاستفاقة لا تزال ممكنة».
وفي سياق متصل، قال المفتي دريان في رسالة الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف: «الاستحقاق الرئاسي سيحصل، مهما اشتدت العواصف، كي نضع حداً لآلام اللبنانيين، وكي يعود الدور الفاعل إلى الدولة ومؤسساتها، فإنه لا تغيير في النظام اللبناني، وسيبقى اتفاق الطائف الضامن للشراكة الإسلامية – المسيحية، والعيش المشترك، ولا مكان للطروحات التي تمزّق الوطن وتفرّق اللبنانيين في وطنهم لبنان، بلد الوحدة والتنوع».