سجون العدو تستحيل «جحيماً»: ثالث شهيد أسير منذ «7 أكتوبر»
ووفق شهادات العديد من الأسرى والأهالي، تمارس قوات الاحتلال تعذيباً قاسياً يفضي إلى الموت خلال عمليات الاعتقال والاحتجاز وفي السجون، بما يشمل ضرباً مبرّحاً بأعقاب البنادق، على غرار ما جرى فجر أمس، حين استطاع الشاب إياد بنات فتح بثّ مباشر على هاتفه الشخصي، وتوثيق عملية اعتقاله التي تخلّلتها اعتداءات وحشية عليه أمام عائلته وطفلته التي كانت تصرخ وتبكي. أمّا فؤاد حسن من بلدة قصرا في محافظة نابلس، وهو ناشط ضدّ الاستيطان، أفرجت سلطات الاحتلال عنه قبل يومين من سجن «مجدو»، فروى أوضاعاً مأسوية يعانيها الأسرى. فقد كشف أنه تعرّض لضرب شديد أدّى إلى كسر 3 أضلاع من قفصه الصدري. كما كشف عن تعرّض أسير من بلدة جبع، قضاء جنين، لضرب مماثل، بينما أَطلق جنود الاحتلال الكلاب البوليسية على أسير ثالث لتنهش يده، و«ذلك لأنّنا رفضنا تقبيل علم الاحتلال والتصوّر معه». ووصف حسن الوضع في «مجدو» بأنه «مأسوي جدّاً جدّاً، ولا يمكن وصْفه»، مضيفاً أن «الأسرى حمّلوني رسالة لنقلها إلى المؤسّسات المعنيّة والصليب الأحمر». ولفت إلى أن الجنود الدروز هم مَن يتولّون تعذيب الأسرى وضربهم والتنكيل بهم، ويقولون لهم: «ويلكام في جهنم، أنتم في مجدو، ثم يشرعون بضرب لا يتوقّف»، متابعاً أن «الظروف المعيشية في غاية الصعوبة والتعقيد، حيث لا يُقدَّم للأسرى من طعام سوى ما يجعلهم قادرين فقط على الوقوف، كما يتعرّض الأسرى خلال تنقّلهم بالبوسطات لتعذيب لا يطاق مصحوباً بالإهانات والشتائم».
كذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليل الأحد – الاثنين، 50 فلسطينياً، بينهم أسرى محرّرون، وجريح من الضفة الغربية، بالإضافة إلى 9 فلسطينيين من قطاع غزة، جرى اقتيادهم من منزل عائلة بنات في الخليل. ورافقت حملة الاعتقالات هذه، عمليّات تنكيل واسعة، واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب حوادث تخريب وتدمير واسعة في منازل الفلسطينيين. وبذلك، ارتفعت حصيلة الاعتقالات، منذ «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول الماضي، إلى أكثر من 2520، وهي تشمل مَن جرى اعتقالهم من منازلهم، ومن على الحواجز العسكرية، ومَن اضطرّوا إلى تسليم أنفسهم تحت الضغط، ومَن احتجزوا كرهائن.
في هذا الوقت، لا يزال التصعيد الميداني على حدّته؛ إذ شهدت مدن الضفة وبلداتها مواجهات مسلّحة بين الشبان وقوات الاحتلال، استشهد على إثرها المسنّ عيسى القاضي (66 عاماً)، برصاصة في الرأس، أثناء عمله على مركبته العمومية بالقرب من «المدرسة الشرعية للذكور» في مدينة الخليل. كما اقتحمت القوات الإسرائيلية «الجمعية الخيرية» في الخليل، واستولت على حواسيب الجمعية وملفّاتها وممتلكاتها، وأغلقت أبوابها باللحام الكهربائي، فيما أعلنت القوى الوطنية والإسلامية الإضراب الشامل في المدينة حداداً على روح الشهيد القاضي. أيضاً، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم عسكر الجديد والمنطقة الشرقية في مدينة نابلس من حاجز بيت فوريك، حيث اندلعت اشتباكات بين مقاومين وجنود العدو الذين تمركزوا قبالة مخيم بلاطة، فيما شهدت عدة مناطق في نابلس مواجهات. وبات لافتاً دخول مدينة قلقيلية على خطّ الاشتباك، إذ تخلّل اقتحامَ المدينة، فجر أمس، تفجير مقاومين عبوات ناسفة بآليات العدو، واندلاع مواجهات مسلّحة عنيفة، وأخرى مع المواطنين خلّفت عدّة إصابات في صفوف الشبان. وفي محافظة جنين، اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة قباطية، التي شهدت اشتباكات مسلّحة عنيفة ومواجهات ألقى خلالها الشبان الحجارة والزجاجات الحارقة، توازياً مع اقتحام مماثل لمخيم عقبة جبر في أريحا، حيث دارت اشتباكات مسلّحة ومواجهات.
من جهتهم، بات المستوطنون جزءاً من المشهد الدموي الذي يرسمه الاحتلال في الضفة الغربية؛ إذ تجمّع العشرات منهم، أول من أمس، بالقرب من بلدة حوارة، مطالبين الحكومة بـ«محو» هذه الأخيرة، على غرار ما «يفعل الجيش» في قطاع غزة، وعدم السماح للمحالّ التجارية بفتح أبوابها على الشارع الرئيسيّ. وفي خلال تجمّعهم، رفض هؤلاء استخدام الشارع الالتفافي المرتقب افتتاحه من قِبل سلطات الاحتلال في الأيام القليلة المقبلة، وهو شارع استيطاني جديد عملت إسرائيل على شقّه وتعبيده منذ أكثر من ثلاث سنوات على أراضي الفلسطينيين، بهدف إتاحته للمستوطنين والابتعاد عن شارع حوارة الرئيسيّ الذي يسلكه الفلسطينيون. وأكّدوا أنهم سيواصلون المرور عبر هذا الأخير، المغلق منذ عدّة أسابيع أمام المركبات الفلسطينية، والذي يتمّ الاعتداء على أيّ مواطن يسلكه.
وعلى وقع هذه الحال نفسها، تعيش عدّة أحياء في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، إذ يفرض جيش الاحتلال، منذ بدء الحرب على غزة، حظر تجوال على 11 حيّاً في منطقة البلدة القديمة، وفق مركز «بتسيلم» الحقوقي الإسرائيلي، ألذي أفاد تقريره بـ«إغلاق المصالح التجاريّة والمحال، وسجن نحو 750 أسرة في منازلهنّ. وكان جيش الاحتلال قد سمح في 21 تشرين الأول، أي بعد أسبوعين من حظر التجوال التام، للسكّان بالخروج من منازلهم، أيام الأحد والثلاثاء والخميس، لمدّة ساعة واحدة في الصباح، وساعة واحدة في المساء في كلّ مرّة، علماً أن «أيّ خروج من المنزل يستوجب المرور عبر الحواجز والمواجهة مع الجنود، الأمر الذي ينطوي على إهانات وعمليّات تفتيش جسديّ مشدّدة».