الأزمة الدستورية الأميركية
الأزمة التي تفجّرت مع اقتحام مبنى مجلس النواب الأميركي احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2021 لا تزال مستمرّة وتنمو منذ ذلك التاريخ، حيث سقط الشرط الأول للديمقراطية وهو الاحتكام للمؤسسات من جهة، وارتضاء ما تقوله نتائج الانتخابات من جهة مقابلة، وقد سقط كل من هذين الركنين معاً.
بعد انفجار النظام الديمقراطي بدا أن الحزب الديمقراطي الفائز بالانتخابات عندما أجمع على ترشيح جو بايدن قد فعل ذلك من باب العجز عن إنتاج رئيس تجتمع فيه فرص الفوز والقدرة على ممارسة الحكم، حيث كشف فوز بايدن عن تراجع مؤهلاته لقيادة الدولة، وصولاً للمطالبة بعزله التي تجد له مؤيدين في الحزب الديمقراطي وليس في الحزب الجمهوري فقط.
ظاهرة الرئيس السابق دونالد ترامب التي حققت زعامتها من خارج الحزبين وتضغط بثقل حضورها على الحزب الجمهوري، تمثل إشكالية جديدة في الحياة السياسية والدستورية الأميركية، حيث يفقد الحزبان القدرة على السيطرة على المسارات، وبمثل ما يبدو صعباً تبديد مصادر قوة ترامب، يبدو مستحيلاً أن لا يكون انتخابه رئيساً إعلان اقتراب الحرب الأهلية.
داخل الحزب الجمهوري ظهرت معارضة ضئيلة غير منضبطة بقرار قيادة الحزب، لكنها فرضت أجندتها على مسار انتخابات رئيس مجلس النواب، قبل سنتين، وتفرضها اليوم.
دون رئيس مجلس نواب لا تشريع، والموازنة متوقفة، والإنفاق مشرع لـ 45 يوماً فقط، والاقتصاد في أسوأ أحواله، وتمويل حرب أوكرانيا أوقف كشرط لتوافق الحزبين على فرصة الـ 45 يوماً.
لا أحد يستطيع التكهن بكيفية انتهاء الأزمة، ولا بمستقبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا بموقع ترامب وبايدن فيها، ولا إمكانية تكرار إنكار نتائج الانتخابات والذهاب للاحتكام للشارع.
التعليق السياسي-البناء