اخبار فلسطين

المقاومة العنيدة تسيطر على الميدان… والعدو يُمعن في قتله للأبرياء فهل دخلنا مرحلة عض الأصابع؟

فاطمة شكر- الديار

مع استمرار مخاوف العدو من اتساع رقعة الحرب لتشمل مناطق أخرى في داخل فلسطين المحتلة، توازياً مع تنامي سلوك المستوطنين المتطرف تجاه الفلسطينيين، والذي يتزايد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب ما ينذر بتصعيد محتمل.

وفيما دخلت “الحرب الإسرائيلية” الوحشية يومها الـ 44 على قطاع غزة الذي يشهد إبادة جماعية، في ظل استمرار القصف الجنوني والتدمير المتعمد وازدياد عدد الشهداء والجرحى، مع تعنت غربي من قبل بعض الدول لمنع مزيد من إراقة الدم الفلسطيني، واستمرار التظاهرات التي تجوب أنحاء العالم، بالتوازي مع صمت عربي وخذلان اسلامي لشعب ينزف ويقف أطفالها ونساؤها وشيوخها أمام آلة الاجرام الصهيونية، بدعم حلفائه العابر لحدود الأرض المحتلة.

انطلاقًا من الميدان الذي بدأ يتعقد كثيراً أمام حكومة العدو الاسرائيلي، والذي ينطلق مسار الانتصار الحتمي الذي تبحث عنه الفصائل الفلسطينية، من أجل اعادة رسم خريطة القضية من جديد، بالتزامن مع هذا المشهد القوي للمقاومة الفلسطينية، ما زال الموقف العربي المتخاذل هو المشهد الأبرز، في إطار الدعم لعدم اتخاذ أي إجراءات تدين عدوان الكيان الصهيوني، فيما تجوب التظاهرات المنددة بحمام الدم في غزة معظم الدول الأوروبية، فضلا عن الولايات المتحدة الأميركية التي باتت تشكل ضغطًا على دوائر صنع القرار في الغرب، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ناهيك بالاحراج الذي وقع به بايدن لجهة فشل العدو في تحقيق أي انجازات عسكرية تذكر، سوى رفع عدد الشهداء من الأطفال والنساء، ما يعني أنه حرفياً لا مكان آمنا في غزة.

وتحت غطاء الحرب، انعكست التظاهرات على الساحة الدولية، فمن فرنسا التي بدأت بتعديل موقفها من الدعم الكامل للعدوان على قطاع غزة، الى مطالبة حكومة نتنياهو بعدم استهداف المدنيين، وتجنب قصف المستشفيات والبنية التحتية التي لم يبقَ منها أي شيء، وصولًا الى الاعمال الارهابية التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين، ناهيك بالحكومة البريطانية التي ضحت بوزيرة خارجيتها سويلا برافرمان، والتي تعتبر رمزًا متطرفًا وداعمًا للكيان، ليحل محلها رئيس الوزراء السابق جيمس كاميرون، والذي يعتبر من وجوه الاعتدال في محاولة اخيرة لعدم انهيار الحكومة ريشي سوناك أمام ضغط الشارع.

 هذه التغيرات تصب مصب الحفاظ على المصالح الداخلية للدول، وذلك لا يعني بأي حال من الأحوال الخروج عن الخطوط الحمراء في العلاقة مع “تل أبيب”، التي تلقفت المتغيرات الدولية حيث أشار وزير خارجية الاحتلال الى أن المدة باتت تضيق أمام الحرب المفتوحة على غزة، واضعًا سقف أسبوعين لتنتهي الحرب، خاصة مع الخسائر الضخمة التي باتت حديث “الداخل الإسرائيلي” في حرب باتت وجودية على الكيان.

الأيام المقبلة والساعات المقبلة باتت تتحكم بتوقيت انتهاء الحرب المفروضة، حيث الاستزاف الذي يتعرض له الكيان على جبهته مع غزة لم يعد يحتمل، كما يعمل العدو جاهداً في سبيل التهجير وإعاقة عملية البناء في المرحلة المقبلة، كيلا تبقى اي آمال بعودة الحياة الى سابق عهدها. وبالرغم من تستر العدو عن ارقام الجنود القتلى والجرحى في العملية البرية، تبقى الخسائر كبيرة على الكيان، الذي لا يحتمل نظراً للضغوطات الداخلية التي يشهدها، فضلَا عن الخسائر المادية والاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم، خاصة ان الاقتصاد “الاسرائيلي” يعتمد على الخارج، الذي بات متذمراً من مجازر العدو ضد المدنيين.

 وتشير المعلومات الى أن الخسائر الاقتصادية لحرب كيان الاحتلال على قطاع غزة وصلت إلى أكثر من 70 مليار شيكل، وهو ما يشكل 3.5% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد،  وتشير الاحصائيات إلى أن العجز في “الميزانية الإسرائيلية” وصل خلال شهر تشرين الأول الماضي إلى 400% على أساس شهري. فيما أكدت وزارة المالية في بيان لها، أن العجز المالي بلغ الشهر الماضي نحو 6 مليارات دولار، بعد أن كان 1.2 مليار دولار في أيلول، وأرجعت ذلك إلى ارتفاع النفقات لتمويل المتطلبات العسكرية في الحرب. كما يخوض الكيان حرب استنزاف على الجبهة الشمالية في جنوب لبنان مع حزب الله، والذي يعتبره العدو الأول له في المنطقة، إضافة الى الجبهة اليمنية التي تتمشى مع وحدة الساحات، والتي لم تفوت أي فرصة لقصف الكيان.

كتلةٌ من النار تكبر يوماُ بعد يوم، حيث امتد الغليان الى الضفة الغربية التي تتميز عن قطاع غزة بعدم وجود قيادة مركزية تحكم الوضع ، وهذا ما يجعل الكيان في ارباك واضح أمام ما يجري في مخيمات الضفة، كيلا يتكرر ما حصل في معركة سيف القدس، حيث التحمت غزة مع الضفة مع عرب 1948، وصولًا إلى البدء بتنفيذ العمليات الاستشهادية، والتي تشكل القلق الأكبر لأجهزة العدو العسكرية والاستخباراتية، لتدخل ضمن اطار ردة الفعل الخارجة عن العمل المقاوم المنظم.

لا أحد يُنكر أن المعركة كبيرة، لكن الامر الأهم  أنه بات من المؤكد أن ما قبل طوفان الاقصى في 7 من تشرين ليس كما بعده، وأن نتائج الحرب على غزة لن تغير من حجم الصفعة التي تلقاها الكيان، ومن يقف خلفه ومعه، وهذا ما كشف حقيقة واضحة، وهو أن الكيان غير مؤهل ليكون دولة خاصة، مع الدوس على الشرائع الدولية بدعم من الذين يتحدثون عن الحرية والديموقراطية، وهو يغرق أكثر فأكثر في وحل الميدان، ولم يحقق انتصاراً رغم الاجرام والقتل، ولم يحدد شكل المعركة العسكرية في المنطقة في مواجهة محور المقاومة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى