صدام بين اليمين وأهالي الأسرى | لبيد يصعّد معارضته: لحكومة بديلة الآن
وفي وقتٍ سابق، اعتبر بن غفير أن قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين «لم يَعُد مسألة يمين ويسار، بل بات قانوناً أخلاقياً وضرورياً لدولة إسرائيل»، مطالباً أعضاء «الكنيست» من جميع الكتل والتيارات السياسية بدعمه، مضيفاً: «متأكّد من أن القانون سيحظى بدعم جارف من أعضاء الكنيست». على أن اعتراض «المنتدى» أغضب عضو «الكنيست» عن حزب «عوتسماه يهوديت»، ألموغ كوهين، الذي خاطب ممثّل عائلات الأسرى، حين أفيغدوري، الذي أَسرت المقاومة زوجته وابنته، قائلاً إن «الألم ليس حكراً عليكم. أنا أيضاً لديّ الكثير من الأصدقاء الذين أُسروا وقُتلوا». وعندئذٍ، صرخ أفيغدوري مخاطباً كوهين وبن غفير: «أيديكم ملطّخة بدمائهم… يا بن غفير، أريد منك تعهّداً، إنْ حصل لهم (للأسرى الإسرائيليين) أيّ مكروه، فستقدّم استقالتك».
أمّا زعيم المعارضة، ورئيس حزب «هناك مستقبل»، يائير لبيد، فهاجم بدوره كوهين، قائلاً: «عائلات المختطفين تصرخ من ألمها وألم دولة كاملة. لا يوجد حدّ لجهل وقلّة حياء أعضاء الائتلاف الفاشل الذين يعظون العائلات بالأخلاق. ما فعله ألموغ كوهين اليوم سيبقى إلى الأبد في أذهان الأجيال». وردّ عليه كوهين بالقول: «يائير، أنت تعرف ماذا كان دوري في السبت الأسود. لقد دفنتُ 50 من أصدقائي. قاتلتُ مع عناصر الشرطة، على رغم الخطر المحدق بحياتي. أعيش الصدمة كلّ دقيقة وكلّ ليلة. مشاعر عائلات المختطفين هي دائماً في رأس سلّم أولوياتي، ولكن عندما سمعتُ جملة «قتلتم عرباً بما يكفي»، رددت عليها كما ينبغي واقعياً وفعلياً. من المؤسف أن سياسياً مثلك يحاول استغلال الوضع لتحقيق مآرب سياسية. لا تحاضر أمامي في الأخلاق».
من جهته، عبّر «منتدى عائلات الرهائن والمفقودين» عن معارضته عقد جلسة المناقشة في «الكنيست»، معتبراً أن «عقدها في هذا الوقت بالذات، يعرّض حياة أحبائنا للخطر بما يتجاوز المخاطر التي تتهدّدهم بالفعل، وهذا من دون تعزيز لأيّ هدف أو منفعة عامة»، خصوصاً أن «عقوبة الإعدام قائمة اليوم ولا تتطلب تعديلاً قانونيّاً… لقد قمنا بما يلزم، وعلى الرغم من طلباتنا، لم تستجب اللجنة لإلغاء الجلسة». وطبقاً لما كشفته «القناة 13»، فإن مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة، كان يعتزم عقد جلسة بالتزامن مع جلسة لجنة الأمن القومي في «الكنيست»، غير أن المسؤولين في المجلس قرّروا إرجاء الجلسة «بسبب المخاوف من المساس بالأسرى في غزة وغيرها من الأسباب الأمنية». وفي هذا الإطار، اعتبر وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، يوآف كيش، في منشور على منصة «إكس»، أن «قانون إعدام المخرّبين لن يمرّ الآن، هذا واضح للجميع. المشاهد من الكنيست تضرّ بالمجهود الحربي وخصوصاً بعائلات وذوي الأسرى الذين يمرّون بأصعب فترة في حياتهم. توقّفوا عن الانخراط في الأمور السياسية التافهة».
والظاهر أن موجة الغضب تلك أحرجت كوهين، الذي انضمّ عقب الجلسة إلى مقابلة في استديو «القناة 12»، وعندما وجّه إليه المذيع سؤالاً مفاده: «هل من المناسب ما قلته لذوي الأسرى، من أن الحزن ليس حكراً عليكم؟»، ما كان منه إلا أن استغلّ فرصة انتقال المذيع إلى مراسل القناة في الشمال لتحديث مجريات التصعيد الدائر على الحدود بين «حزب الله» وجيش الاحتلال، ليبدأ بالسعال قبل أن ينسحب مغادراً الاستديو، ويصدر لاحقاً بياناً ادّعى فيه أنه «شعر بتوعّك وقرّر مغادرة الاستديو حفاظاً على سلامته وسلامة الجمهور الإسرائيلي».
في غضون ذلك، صدر تصريح لافت من وزير الرفاه الاجتماعي، يعكوف مارغي (من كتلة «شاس» الحريدية، وهي أحد مركّبات ائتلاف نتنياهو)، دعا فيه إلى إقامة حكومة وحدة موسّعة، مضيفاً، في مقابلة مع إذاعة «أف أم 103» الإسرائيلية، أنه «إذا كان هناك أحد بعد الحرب بقي على حاله، فهو إمّا مخطئ أو مخدّر»، مشيراً إلى أنه «من دون أدنى شكّ، سنضطر لنجلس معاً، فالمجتمع الإسرائيلي لن يذهب إلى أي مكان… يلزمنا أن نرى هنا حكومة وحدة موسّعة. أنا مستعدّ لدفع ثمن شخصي كي تكون هنا حكومة كهذه، لقد تصارعنا على الأوهام، وفي الدقيقة الـ90 لم يبقَ بالفعل ما نتنازع عليه». وتابع: «نحن جميعاً نؤمن بصحة الطريق… الجميع، أنا لا أحكم على أيّ شخص، كل شخص لديه مواقفه الخاصة. ولكن كدنا أن نثقب السفينة التي كنا نركب فيها. لا أريد أن أعود إلى هناك»، في إشارة إلى الانقسامات الإسرائيلية الحادّة التي أفضت إلى احتجاجات غير مسبوقة بسبب دفع الائتلاف بمخطّط «الانقلاب القضائي».
وتعليقاً على تصريح لبيد في شأن عدم ثقته بالحكومة الحالية، ودعوته إلى حجب الثقة عنها، واستبدال نتنياهو، وتشكيل حكومة وحدة مع «الحريديم»، قال مارغي إنه «أولاً وقبل كل شيء، على لبيد الانضمام إلى هذه الحكومة، وأن يحمل جزءاً من المسؤولية في اتّخاذ القرارات الصعبة والمصيرية، وبعد ذلك لا أستبعد أيّ شيء». ورداً على سؤال ما إذا كان مستعدّاً للانضمام إلى حكومة فيها ليبرمان، قال: «الجميع. نعم، لِم لا؟ الويل لنا، لم نتعلّم من التاريخ، ويبدو أن ما حصل (في السابع من أكتوبر) هو بمثابة قسط التعليم (الذي ندفعه لنتعلّم أن نكون موحّدين)». أمّا بالنسبة إلى مشروع قانون إعدام الأسرى، فرأى أنه من غير المناسب طرح قوانين بدافع الغضب، إذ «يجب أن نتروّى وننظر إلى الواقع الجديد، وبناءً عليه نبادر إلى قرارات. يجب أن نتّخذ قرارات. ولكن لماذا الآن؟ ومن الذي يُعجّل بذلك؟ ومن أجل ماذا؟».
من جهته، تطرّق عضو «الكنيست» من حزب «هناك مستقبل»، عيدان رول، في مقابلة مع الإذاعة نفسها، إلى إمكانية الجلوس في الحكومة إلى جانب الأحزاب «الحريدية»، مؤكداً أن «هناك احتمالاً. كان هناك احتمال في الماضي أيضاً. الحكومة يجب أن تكون موسّعة، وتشمل اليهود الحريديين، فهم جزء منها. هذه هي الطريقة الصحيحة لإحداث تغييرات من شأنها أن تدفعنا في النهاية إلى الأمام. من المستحيل تجنّب تعقيد المجتمع ولهذا السبب آمل حقاً أن تُشكل حكومة جديدة تضمّ الأرثوذكس».