مستقبل إسرائيل بلا معالم
علي ح.حيدر-موقع المقال
بعد دخول البركان رسميًا المعركة في الجنوب، العدو يناور من أجل إتمام صفقة ثلاثية الأبعاد:البعد الأول المتمثل في الحرب الدائرة في غزة ومعالجة ماخلفه السابع من تشرين الأول، والبعد الثاني الجبهة مع لبنان المتأججة بنار ورماد، والبعد الثالث إختطاف السفينة Galaxy leader من قبل أنصار الله في اليمن كما أعلنها الناطق العسكري للقوات اليمنية العميد يحيى السريع. وقد سارعت واشنطن بإرسال هوكشتاين للجم الكيان من توسعة الصراع حسب تعبيرهم. لكن الحدث الأبرز هو إستهداف الصحافيين نهارًا جهارًا دون إدانة له على المستوى العالمي، ففي نهار يوم الثلاثاء الواقع في 21/11/2023 قامت طائرات العدو الصهيوني بإستهداف الزميلة فرح عمر مراسلة قناة الميادين والمصور ربيع المعماري ومرافقهم حسين عقيل في مثلث طير حرفا في الجنوب اللبناني مما أسفر عن إستشهادهم.
أصداء هذا الحدث تلاه صوت الناعقين بإسم الحريات، الذين تضمن شجبهم بعبارات تهين جسم الصحافة ككل، ومتقصدين التهجم على قناة الميادين بإعتبار أنها مؤيدة لحزب الله ولمحور المقاومة، وبطبيعة الحال، وكاد المريب أن يقول خذوني، كانوا قد ضمنوا تصريحاتهم بما هو يتناسب والطرح الإسرائيلي لهوكشتاين عقب زيارته الأخيرة إلى الكيان، حيث كان قادة العدو قد إشترطوا أن يتم تطبيق القرار 1701 أي تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة خالية من السلاح وذلك بالإشارة إلى حزب الله، وقد إعتاد العالم أن يسمع من هذه الجوقة النغمة المعتادة، فقد كانوا صهاينة أكثر من الكيان نفسه، إذ بعد تغريداتهم على منصة إكس دعا بعضهم إلى إقامة منطقة عازلة في الجنوب وخالية من المدنيين والصحافيين الذين ينقلون رسائل المقاومة للعدو وذلك ما يربك العدو أمام الرأي العام بشكل عام ويضعف صورة جيشه. وقد قالوا ما لم يقدر الكيان أن يبوح به، وهو طموحه وآماله.
يدرك العدو جيدًا أن هوكشتاين ومن خلفه لن يستطيع تأمين هذا المطلب لذا كان المنخفض من التسريبات حسب إعلام العدو هو تغيير إنتشار وحدة الرضوان المتمركزة على طول الحدود وإبعادها عن الحدود الفلسطينية، وهذا الأمر يعد إنجازًا وفق المعايير الأمنية والعسكرية، إذ أن إنجازات هذه الوحدة ذات التدريب التدميري حسب وصف العدو، كانت قد حققت بعض أهداف إنشائها وهي لم تقم بمهامها الأصلية كما يروج لها العدو من قدرتها على إحتلال الجليل الأعلى في الشمال الفلسطيني، إذ أن ذلك قد أعطاها سمعة وأكسبها خبرة في خوض الحروب الجديدة.
خوف العدو وإرتباكه في الشمال يزيد، ويريد من خلال إستهداف المدنيين والصحافيين إلى جر الولايات المتحدة معه للمشاركة في حرب على لبنان، وذلك وفق ردة فعل الحزب على هذه الجرائم، والحسابات الأمريكية لا تصب في مصلحة توسيع نطاق الحرب، لعدّة إعتبارات أبرزها أنها لا تضمن أن لا تشارك إيران، حيث أن الأمريكيين يدركون جيدًا إن تدخل إيران سيكون له تداعيات أخرى على كل الملفات في المنطقة، وبالإضافة إلى رؤيتهم لحزب الله كشريك موازي تقريبًا للجمهورية الإسلامية بمقاربة ربط العلاقة الطردية بين حزب الله وإيران من جهة، فضلًا عن الحظوة التي يمتاز بها حزب الله لدى إيران.
الولايات المتحدة تدرك جيدًا إذا شاركت في حرب ضد حزب الله بأي شكل من خلال تقديم المساعدات للصهاينة حتمًا سيدفع الجمهورية الإسلامية في التدخل لصالح الحزب ولو من باب الدعم بالسلاح والمناورات السياسية.
والدلالة الثانية لعدم وجود إمكانية من الولايات المتحدة القيام بحرب على لبنان هو ما دفعها إلى إمتصاص موضوع إسقاط طائرة الإستطلاع في البحر أحمر من قبل أنصار الله وعدم التنبؤ بما يمكن أن يقوم به أنصار الله للسفن الأمريكية القادمة عبر باب المندب، إذ أنه وبعد تهديدهم للمصالح الصهيونية من خلال إختطاف أي سفينة تجارية أثبتوا للأمريكي قبل الإسرائيلي جديتهم وفرضوا أنفسهم في الحرب كشريك للشعب الفلسطيني ورفضوا أي وساطة حتى ينهي الإحتلال حربه على غزة، وكرؤية أمريكية للضربات التي تتلقاها على قواعدها في سوريا والعراق من قبل فصائل المقاومة العراقية حاليًا التي هي مظلومة إعلاميًا، هي مؤشر عن عدم القدرة الأمريكية في خوض حرب واسعة النطاق ومتعددة الجبهات، لأنه بمعاييرهم سيكون الثمن باهظًا، وتآكل للأمن القومي الأمريكي الذي لن يتمكنوا من ترميمه مجددًا.
وأخيرًا وليس آخرًا، ففي البعد الأول الكثير من التضحيات التي يمكن أن يبنى عليها في مسار تراكمي، وأن تداعيات ما قامت به المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول، سيترتب عليه آثار مصيرية للكيان، وإن كان ثمنه هذا الكم من الشهداء الذين جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين العزل، إلا أن هذا هو مفتاح النصر. وقد توهم العدو أنه في صفقة مثل هذه قد يكون حقق إنجازًا في إنتصار وهمي فقط، ألا أن المقاومة الفلسطينية كانت قد أوجعته في الميدان، وكبدته خسائر كبيرة، وجل ما يهتم به العدو الخسائر المادية حيث أنه ولغاية اليوم لم يحقق العدو أي من الأهداف التي وضعها أول الحرب، إذ مازالت صواريخ المقاومة تدك المستوطنات، ومازال مقاوموها يخوضون أشرس المواجهات. وكل الآمال التي كان يحلم بها العدو في السيطرة على مستشفى الشفاء من أجل تحقيق نصر إعلامي بعد إدعائه بوجود قيادة للقسام تحت المستشفى المذكورة، وكل ما كان يدل على الحياة في غزة كان قد قصفه متناسيًا أن شعب غزة سيعيد الحياة إليها.
بطبيعة الحال لا يمكن إستبعاد العنصر الأمريكي كمحرك في هذه المعركة، الذي بدوره يملي على الكيان الصهيوني أفعاله، فالحرب في غزة أمريكية قبل أن تكون صهيونية. إلا أنه في إجتماع الأبعاد الثلاثة التي جعلت كيان العدو بصورة مقاربة للمستقبل بدون معالم، ومع ذلك ينتهز العدو البدل الضائع من الوقت من أجل إتمام صفقة تلمع صورته مع المستوطنين الذين فقدوا الثقة بالمنظومة الأمنية لدى الكيان بعد السابع من تشرين الأول، وبالإضافة إلى تحدي حزب الله في الشمال، فكيف سيكون مستقبل الكيان بعد التهدئة أو الهدنة القابلة للتمديد حسب زعمهم، وما مصير الشمال الفلسطيني وجنوب لبنان الذي بدا واضح المعالم أن المقاومة تمسك زمام مبادرته جيدًا؟؟!!!.
– قناة الجزيرة
– جريدة النهار
– تلفزيون المنار
– قناة الميادين