إسرائيل تستهدف الإعلام: إنتقام المهزوم!..
سفير الشمال-عبدالكافي الصمد
لا يمكن تفسير إستهداف الجيش الإسرائيلي للصحافيين عمداً، وقتلهم عن سابق إصرار إلّا أنّه سعي إسرائيلي حثيث لإسكات صوتهم، ومنعهم من أن ينقلوا بالصوت والصورة الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة وجنوب لبنان، وهي جرائم دانت إسرائيل أمام الرأي العام العالمي، الذي انقلب عليها بشكل غير مسبوق منذ نشأة الكيان الغاصب منذ 75 عاماً.
يوم أمس كان يوماً إعلامياً دامياً ومؤسفاً ومستنكراً أشد الإستنكار، عندما استهدفت إسرائيل مباشرة وعمداً فريق قناة “الميادين” خلال تأديتهم واجبهم المهني في الجنوب فاستشهد ثلاثة منهم، الصحافية فرح عمر والمصوّر ربيع المعماري ومرافقهم حسين عقيل، في استهداف هو الثاني من نوعه الذي تقوم به إسرائيل في لبنان، بعد استهدافها المصور في وكالة “رويترز” عصام عبد الله في 13 تشرين الأوّل، واستشهاده.
إستهداف إسرائيل الصحافيين لا يقتصر على لبنان، فمنذ بدء عدوانها على قطاع غزة قبل 47 يوماً، لم توفّر صحافياً إلّا واستهدفته، ما جعل العشرات منهم يسقط شهيداً أو جريحاً، أو استهداف عائلته كما فعلت مع مراسل قناة “الجزيرة” وائل الدحدوح، ضاربة بعرض الحائط كلّ القوانين التي تمنع إستهداف الصحافيين والتعرّض لهم خلال الحروب، لا بل إنّها تقوم عمداً باستهدافهم، من غير أن يرفّ لها جفنٌ أو تخشى أيّ عقوبات دولية عليها نتيجة جرائمها.
فبعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة في 7 تشرين الأول الماضي، وما حققته من نتائج غير مسبوقة كسرت “هيبة” الجيش الذي كان يدّعي أنّه لا يُقهر، جنّ جنون إسرائيل وشنّت حرباً إنتقامية على قطاع غزّة لم توفر فيها الأطفال (نصف الشهداء هم من الأطفال) والنساء وكبار السنّ والمدارس والمساجد والكنائس، في عملية إتضح أنّ إسرائيل تهدف منها تحويل قطاع غزة إلى أرض محروقة، واسترداد ما امكن من هيبتها العسكرية في المنطقة والعالم.
منذ 8 تشرين الأوّل الفائت والجيش الإسرائيلي يسعى بكل إجرام إلى تحقيق غايته وأهدافه المعلنة، من تحرير أسراه والقضاء على حركة المقاومة وتدمير الأنفاق وإيقاف إطلاق الصواريخ من القطاع وضرب البنية العسكرية للمقاومة، ولكنه لم يفلح في تحقيق أيّ منها، ما جعله يعمل على تعويض ذلك باتباع سياسة الأرض المحروقة التي من خلالها كان يستهدف البشر والحجر وكلّ شيء في القطاع الصّامد.
هنا، كانت وسائل الإعلام المختلفة، ومعها منصّات وسائل التواصل الإجتماعي التي حوّلت كلّ من يحمل هاتفاً خليوياً إلى مراسل، تنقل بالصوت والصور الجرائم المروعة التي كان يرتكبها الصهاينة، ما شوّه صورتهم في العالم كانوا يعملون على صنعها منذ نشأة الكيان، وهي صورة خادعة ومزوّرة، جاءت الصور ومقاطع الفيديو التي تنقل جرائم الصهاينة في قطاع غزة ولبنان لتكشف الحقيقة التي حاولوا إخفائها طيلة العقود الماضية، فكان أن سقط قناعهم المزيف، وكان إستهداف الإعلام ردّهم على ذلك.