طلب قطريّ من الحزب: إسحَب سليمان فرنجيّة!
ملاك عقيل – أساس ميديا |
يَستأنف الموفد الفرنسي جان إيف لودريان اليوم لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين عقب زيارته الأخيرة للبنان في أيلول الماضي التي سبقها اجتماع الـ 33 دقيقة للّجنة الخماسية على مستوى المندوبين في نيويورك من دون صدور بيان عنها.
في مرحلة ما قبل غزة وشبه اللامبالاة الدولية بشأن الأزمة الرئاسية والسياسية وسقوط لغة “الحوار الشامل” في الداخل لم تتمكّن فرنسا من إحداث أيّ خرق رئاسي في ظلّ تباين بالآراء داخل اللجنة الخماسية.
لذلك يرى مطّلعون أنّ فرنسا “ما بعد غزة”، ربطاً بموقفها النافر من الحرب وعدم وجودها على طاولة المقرّرين الدوليين في رسم مسار الهدنة وتبادل الأسرى، والهمس الدولي عن احتمال الضغط لتغيير معادلة الأمر الواقع على الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية المحكومة بالقرار 1701 أو بالحدّ الأدنى الالتزام الصارم بمندرجاته، ونظرة “الخماسية” إلى الدور الفرنسي الذي أثبت عدم تأثيره على مفاصل الأزمة الرئاسية، وانغماس لودريان نفسه الآتي من الرياض بالمهمّة الجديدة الموكلة إليه بعد تعيينه في تموز الفائت رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في العُلا لتطوير السياحة والثقافة بالتعاون مع السلطات السعودية، جميعها معطيات تجعل من الزيارة الرابعة للودريان لبيروت تصبّ في خانة “تزييت” الدور الفرنسي، لكن من دون وجود حلّ متكامل عجزت باريس أصلاً عن تسويقه منذ عام 2019.
في ظلّ ربط مصادر مطّلعة الوضع جنوباً واستقراره والتزام الحزب بـ “المطلوب منه” بالانفراج الرئاسي في المرحلة المُقبلة، تتساءل المصادر:”هل أثّرت حرب غزّة على موقف أعضاء اللجنة الخماسية لجهة توقيت الانتخاب، ومواصفات الرئيس واسمه؟”.
“طيف” أبي فهد
المفارقة أنّه على الرغم من مغادرة المسؤول القطري جاسم بن فهد آل ثاني بيروت الأسبوع الماضي، وعلى الرغم من الطابع الأمنيّ الذي يطغى على “طيفه” كموفد من الدوحة، فإنّ زبدة لقاءاته المحدودة التي أجراها لا تزال تطغى على زيارة لودريان، خصوصاً لجهة اجتماعه مع أحد قياديّي الحزب (يُرجّح أن يكون مساعد الأمين العام للحزب الحاج حسين خليل).
في هذا السياق، تؤكّد أوساط مطّلعة لـ “أساس” أنّ الموفد القطري كان بالغ الوضوح بالقول أمام الحزب إنّه “المسؤول” الأوحد عن تأمين انسحاب النائب سليمان فرنجية من السباق الرئاسي تمهيداً لتسويق خيار “المرشّح الثالث”، وأن لا إمكانية لإعادة خلط الأوراق الرئاسية من دون وجود قرار لدى الحزب بطيّ ورقة سليمان فرنجية.
وفق المعلومات، استند “أبو فهد” في مَطلبه إلى محضر اجتماعه السابق مع مسؤولي الحزب قبل مغادرته بيروت عقب أحداث غزة حيث سَمِع كلاماً واضحاً بأنّ الحزب يدعم ترشيح فرنجية، وهذا ما قاله شخصياً السيّد حسن نصرالله في إطلالات سابقه له، وقرار ترشيحه يبقى فقط ملك فرنجية مع التأكيد على المواصفات التي يملكها نائب زغرتا السابق وتشكّل عامل اطمئنان للمقاومة.
هل ينسحب فرنجيّة؟
على الرغم من تزاحم استحقاق قيادة الجيش مع مساعي إعادة تحريك المياه الرئاسية الراكدة منذ أشهر يشير مصدر مطّلع لـ “أساس” إلى جدّية ما يحدث خلف الكواليس في الخارج حيث تُطبخ التفاهمات وإسقاطاً على الداخل في ظلّ سؤالين: هل ينسحب سليمان فرنجية؟ ولمصلحة مَن؟ لأنّ هذه الخطوة إذا حصلت ستترافق حتماً مع التمهيد لـ “رعاية” الحلف السياسي نفسه الذي غطّى ترشيح فرنجية لـ “البديل”.
هنا يبرز سؤال أكبر: هل يَنسحب فرنجية لمصلحة قائد الجيش بعدما لوّح سابقاً رئيس “تيار المردة” بأنّه قد “يزيح” له ضمن أفضل الخيارات المتاحة وعلى قاعدة “ليه بدّي أعمل عداوة مع قائد الجيش؟”.
فعليّاً، يشير المسار الذي حَكَمَ حتى الآن موقف الحزب من التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون بتردّد واضح، أقرب إلى الرفض، من بقائه في موقعه بعد 10 كانون الثاني.
هو واقع يمكن الانطلاق منه لتوقّع موقف الحزب من تبنّي ترشيح العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية. فهل يُبادر فرنجية، حليف الحزب، في حال سقط ترشيحه إلى الانسحاب لمصلحة من يرفض الحزب انتخابه رئيساً للجمهورية؟
هنا تحديداً، يشير مطّلعون إلى التسريب المنظّم من جهة القطريين وآخرين لاسم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، خصوصاً أنّ الأخير يحظى بتأييد من النائب باسيل لم يتوانَ عن تظهيره أمام المحازبين عبر قوله “ما عندي مشكلة معه إذا بيتوافقوا عليه”. لكن حتى الآن، لا معلومات مؤكّدة حول هذا الطرح.
من الحكومة إلى مجلس النوّاب
داخلياً، يتحضّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لاستقبال الموفد الفرنسي اليوم على أن تلي ذلك رئاسته لجلسة مجلس الوزراء في السراي ويغادر بعدها إلى دبي للمشاركة في قمّة المناخ.
وفق المعلومات، سيتمّ الاكتفاء ببحث البنود العادية ذات الطابع المالي والاقتصادي والاجتماعي والوظيفي المُدرَجة على جدول الأعمال من دون أيّ تطرّق لملفّ قيادة الجيش من خارج جدول الأعمال.
هنا يقول مطّلعون إنّ اصطفاف الحزب الواضح إلى جانب باسيل في رفض الأخير التمديد لقائد الجيش والتصدّي لأيّ إجراء حكومي-غير قانوني من دون المرور بوزير الدفاع يُبعِد كرة الحسم أكثر فأكثر عن ملعب مجلس الوزراء لتنحصر المسألة بمجلس النواب مع دخول كلّ الكتل النيابية على الخطّ وحصول تموضعات تختلف عن تلك التي تحكم موازين القوى داخل الحكومة.
“تعليم” على الحكومة؟
في هذا السياق، كان لافتاً “الخبر المُفخّخ” الذي نشر في إحدى الصحف وتحدّث عن “بحث مجلس الوزراء اليوم من خارج جدول الأعمال تأجيل تسريح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري لستّة أشهر بطلب من وزير الداخلية بسام المولوي”، وهو ما استدعى ردّاً من أوساط رئاسة الحكومة بأنّ “هذا الملفّ مُرتبط حصراً بقرار يتّخذه وزير الداخلية، وهذا التمديد لا إشكال عليه البتّة”.
يرى مطّلعون أنّ تسريب هذا الخبر بدا وكأنّه “في سياق “التعليم” على الحكومة بأنّها إذا كانت معنيّة قانوناً بتأجيل تسريح المدير العام للأمن العام بالوكالة فهي معنيّة أيضاً بتأجيل تسريح قائد الجيش”.
في المقابل، كان “أساس” كشف في أيلول الماضي أنّ لجنة الاعتراضات الصحّية مدّدت مجدّداً البتّ في وضع الاعتلال للّواء البيسري حتى آب 2024 إثر التأجيل الأول لمدّة ثلاثة أشهر في كانون الأول 2022، ثمّ ستّة أشهر من آذار حتى آب 2023. وهو إجراء يحتاج إلى توقيع وزير الداخلية من دون أيّ تدخّل من الحكومة.