إضراب عالمي تضامناً مع غزّة.. إسرائيل مُحاصَرَة!..
سفير الشمال- عبدالكافي الصمد
لا أحد يعلم تماماً من أين إنطلقت الحملة العالمية الداعمة لقطاع غزّة والداعية إلى إعلان الإثنين، 11 كانون الأول 2023، يوماً عالمياً للتضامن مع القطاع المُحاصر، في مسعى غير مسبوق يهدف للضغط على إسرائيل من أجل إيقاف عدوانها على القطاع بعد سقوط زهاء 18 ألف شهيد أكثرهم من النساء والأطفال، فضلاً عن عدد كبير من الجرحى ودمار هائل حوّل القطاع إلى منطقة منكوبة بكل معنى الكلمة.
لكنّ هذه الدعوات سرعان ما كبرت مثل كرة الثلج، وتناقلتها وسائل الإعلام ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي في مختلف أنحاء العالم، من دون أن يتبناها أحد، أو تعلن أيّ جهة بأنّها السبّاقة إلى تبنيها، إلّا أنّ التضامن مع الحملة وتأييدها على نطاق واسع أثبت بما لا يقبل الشكّ أنّ العدوان على غزّة تحوّل إلى قضية عالمية مُستنكرة على أوسع نطاق، وبشكل لافت.
الدّعوات للإضراب العالمي تضامناَ مع قطاع غزّة حملت عبارة إنسانية وتضامنية لافتة، هي أنّ “أيّ خسارة شخصية نتكبدها لا تساوي شيئاً أمام المذابح التي تحدث بحق إخواننا في غزّة”، تأتي بعد “النكسة” الكبيرة التي تلقتها إسرائيل عالمياً بسبب عدوانها ومجازرها بحق سكان القطاع، والإدانة الواسعة لاعتداءتها، سياسياً وإعلامياً وشعبياً، ما جعل جزءاً كبيراً من المزاج العالمي ينحاز بوضوح إلى جانب القضية الفلسطينية ويتعاطف معها بشكل لم تعهده منذ نشأة الكيان الغاصب قبل 75 عاماً.
إضراب اليوم هو انتصار إضافي يُضاف لانتصار المقاومة في غزة في وجه العدوان الإسرائيلي، وجرائمه البشعة، فبعد الصمود الأسطوري للمقاومة والأهالي في القطاع منذ 65 يوماً، في أعقاب تنفيذ المقاومة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأوّل الماضي ردّاً على ارتكابات الإحتلال، يبدو أنّ السّحر قد انقلب على السّاحر.
فبعد أن كانت إسرائيل تسيطر بشكل شبه مطلق على الإعلام العالمي، وتضغط سياسياً على الحكومات والمجالس النيابية في مختلف أصقاع العالم تأييداً لها، وتوجيه إتهامات جاهزة سلفاً إلى كلّ شخص معارض لها باللاسامية، تعيش إسرائيل اليوم أسوأ أيّامها على الإطلاق في هذا المجال، من خلال مواقف سياسية لحكومات أجنبية رافضة لما تقوم به من عدوان على قطاع غزّة كانت حتى الأمس القريب تعتبر صديقة وحليفة لدولة الكيان، إسبانيا مثلاً، والإدانة الواسعة لها إعلامياً وعلى منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، فإنّ شوارع وساحات المدن الكبرى في أوروبا والعالم تشهد بشكل شبه يومي تظاهرات حاشدة وغير مسبوقة تدين إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم ومجازر وحشية، ومن إستهدافها المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والمدنيين.
حملة التضامن العالمية التي حملت وسم “إضراب من أجل غزّة” (strikeforgaza) واجتاح منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، جاءت بعدما لم تنجح الإحتجاجات والأصوات المعارضة للحرب بثني إسرائيل عن مواصلة حربها على قطاع غزّة، وبعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن ضد قرار يطالب بوقف إطلاق النار في القطاع.
وتتلخص الحملة بدعوة المواطنين في الإضراب إلى عدم الذهاب اليوم إلى جامعاتهم ومدارسهم، والبقاء في المنازل، وعدم إستخدام السيارات، والتوقف عن التسوق وعدم إستخدام البطاقات المصرفية في دفع مشترياتهم، وهي تهدف ليس إلى شلّ حركة الحياة والعجلة الإقتصادية ـ ما أمكن ـ في العالم، بشكل أو بآخر، بل إلى بعث رسالة سياسية وشعبية وإنسانية واضحة عنوانها الرئيسي: أوقفوا العدوان على غزّة.