جعجع يناقض نفسه.. ويستثمر في التمديد لقائد الجيش!..
أخطر ما يمكن أن يواجه التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون هو تحويله الى نقطة تجاذب بين الأطراف المسيحية التي تختلف في ما بينها على هذه الخطوة، بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الرافض للتمديد من منطلقات شخصية وكيدية وأنانية تتعلق بإستحقاق رئاسة الجمهورية، وبين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يحاول أن يقبض ثمن التمديد في الشارع المسيحي ولدى بكركي، ويحاول إستهداف رئيسيّ مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذين كانا أول من طرح فكرة تأجيل تسريح قائد الجيش.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الرئيسان بري وميقاتي حماية تأجيل تسريح القائد وتحصينه سواء في الحكومة بإصدار قرار بذلك، أو من خلال مجلس النواب بتعديل قانون الدفاع الوطني ورفع سن التقاعد سنة كاملة، تأتي “همروجة” جعجع وغيرته المستجدة من دون طائل، بإستثناء سعيه لإظهار حرصه على تأجيل التسريح مسيحيا وتسجيل النقاط على باسيل، وإستهداف ما أسماه قوى الممانعة، وإتهام الرئيس ميقاتي بتفخيخ التمديد من خلال نقله الى مجلس الوزراء، وقد جاءه الرد من حليفه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي أكد أن تأجيل تسريح قائد الجيش لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحكومة.
قبل نحو شهر أوفدت القوات اللبنانية نائبها غسان حاصباني مع وفد من نواب المعارضة والتغيير الى دارة الرئيس نجيب ميقاتي للتمني عليه بإتخاذ قرار تأجيل تسريح قائد الجيش في مجلس الوزراء، وقد وعد ميقاتي حينها بدراسة الموضوع وإتخاذ القرار الذي تمليه عليه المصلحة الوطنية.
ومع إدخال تأجيل تسريح القائد في زواريب السياسة ومحاولة كل طرف أن يستثمر فيه رفضا أو تأييدا، وفي ظل إتجاه بعض الكتل النيابية لتطيير نصاب الجلسة التشريعية وتأمينه فقط عندما يحين مناقشة بند تعديل قانون الدفاع الوطني ما يهدد بنسف الجلسة من أساسها، وحرصا من الرئيس ميقاتي على إستقرار المؤسسة العسكرية وعدم المسّ بهيكليتها إنطلاقا من أنه لا يمكن تغيير الضباط خلال الحرب، دعا الى جلسة حكومية من 24 بندا يوم غد الجمعة، يفترض خلالها أن يطرح بند تأجيل تسريح قائد الجيش من خارج جدول الأعمال وإتخاذ قرار به، وذلك وفقا لتمنيات نواب المعارضة ومن ضمنهم القوات اللبنانية التي إنقلب رئيسها سمير جعجع على موقفه وناقض نفسه بإتهام ميقاتي بأنه ينفذ أجندة الممانعة للإطاحة بهذا التمديد.
كل ذلك، يؤكد أن جعجع يريد أن يبيع ويشتري في هذا التمديد، وأن يسجل نقاطا وأن يحقق مكاسب سياسية معينة، في وقت يبدو فيه الرئيس ميقاتي غير معني بكل هذه الأمور، ويتجه نحو القيام بواجباته الوطنية بالحفاظ على المؤسسة العسكرية من خلال طرح تأجيل تسريح القائد لمدة ستة أشهر في مجلس الوزراء يوم غد الجمعة.
تشير المعطيات الى أن القرار بتأجيل التسريح يحتاج الى موافقة النصف زائدا واحدا وهذا العدد سيكون مؤمنا، كما أنه لا يحتاج الى توقيع وزير الدفاع كونه ليس مرسوما، وبالتالي فإن مجلس الوزراء الذي يعين قائد الجيش يستطيع أن يصدر قرارا تقنيا بتأجيل تسريحه وهو أمر قانوني، ولا توجد فيه مخالفة، وفي حال أصر النائب باسيل على تقديم طعن فعندها على كل الأطراف السياسية والقضائية والادارية أن يتحملوا مسؤوليتهم خصوصا أن الجيش يعتبر اليوم خط الدفاع الأخير عن الوطن، وأن أي محاولة للمسّ باستقراره يرقى الى مستوى الخيانة الوطنية.