ما هي مفاعيل التمديد لقائد الجيش على معركة رئاسة الجمهوريّة؟ توازن بين عون وفرنجية… والحسابات مختلفة بين قيادة الجيش والرئاسة
ما هي مفاعيل التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون على الوضع السياسي والأمني بصورة عامة وعلى الاستحقاق الرئاسي؟
رغم حرص القوى السياسية التي انخرطت في مجلس النواب في التصويت لصالح التمديد، على ان الغاية منه هي الحفاظ على استقرار المؤسسة العسكرية وعدم احداث اهتزاز فيها، الا أن ما جرى قد يمتد الى الشأن العام، طالما ان العماد عون هو مرشح قوي لرئاسة الجمهورية حتى اشعار آخر، او حتى موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
ومما لا شك فيه، ان الضغوط التي مورست داخليا وخارجيا في سبيل التمديد له عن طريق المجلس النيابي، اعطت “نكهة سياسية” لهذه العملية، لكنها في الوقت نفسه لم تكن لصالح هذا الفريق او ذاك.
وبرأي مصدر نيابي ان مشاركة كتل ونواب مختلفة الميول والاتجاهات، جعل التمديد لعون محدود المفاعيل السياسية. فالذين صوتوا لصالحه لم يتجاوز عددهم السبعين نائباً، بينهم ما لا يقل عن 25 نائبا يؤيدون رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. من هنا، يضيف المصدر، انه من غير الممكن البناء على ما جرى لحسابات معركة الرئاسة، خصوصا ان حسابات الاستحقاق الرئاسي هي داخلية وخارجية، ولا تخضع لتلك التي افرزت نتيجة الجلسة التشريعية الأخيرة.
ويشير المصدر الى ان الراعي او المهندس الذي قاد الجلسة الى خواتيمها بمرونة وحنكة، اي الرئيس بري، هو من أشدّ المؤيدين لفرنجية، وان كتلته الوازنة كان لها دور اساسي في انتاج التمديد للعماد عون في مجلس النواب، بعد أن اقفلت الطرق والسبل لتأخير تسريحه في الحكومة.
صحيح أن المعارضة بقيادة “القوات اللبنانية” قد خرجت من القاعة العامة بشارات النصر، الا ان الصحيح ايضا ان هناك قوى اساسية شاركت في التمديد لعون على رأس قيادة الجيش هي في مكان آخر، منها ما يؤيد فرنجية ومنها ما يقف في الوسط، بانتظار ساعة الحسم في الملف الرئاسي.
ومن الضروري في الحسابات ايضا، الاشارة الى ان كتلة وازنة واساسية، هي كتلة نواب حزب الله، لم تشارك في التصويت لصالح التمديد ولم تعارضه، وفضلت الحياد بالخروج من القاعة العامة على طريقة الامتناع عن التصويت، عدا عن مقاطعة كتلة كبيرة للجلسة اصلا هي”تكتل لبنان القوي”.
وفي حسابات الارقام، يرى المصدر النيابي ان التمديد للعماد عون على رأس قيادة الجيش خارج حساب رئاسة الجمهورية، يتراوح بين 45 و50 صوتا في اقصى حدّ، وأن ما حصل عليه فرنجية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بلغ 55 صوتا. وفي كل الاحوال، فان رقم كل من المرشحين عون وفرنجية قابل للتغيير الرئاسي، ما يعني ان التمديد لقائد الجيش لا يجعله متقدما على فرنجية، كما ان الوقائع الداخلية والخارجية لا تضمن لرئيس “المردة” طريقا سهلا او معبّداً الى قصر بعبدا.
وبرأي اوساط مراقبة ان جلسة التمديد لم تنل من رصيد فرنجية، كما انها لم تضف الى العماد عون رصيدا جديد او اضافيا، لكنها بطبيعة الحال ابقته مرشحا اساسياً، وجعلت الباب مفتوحاً لمرشح ثالث او ما يسمى الخيار الثالث. وهناك مفاعيل اخرى للتمديد لعون تتعلق بتثبيت موقعه القوي على رأس قيادة الجيش، بشهادة سياسية تتجاوز السلطة التنفيذية الى السلطة التشريعية ايضاً.
ويقول البعض ان التمديد لعون عبر المجلس وليس حكومة تصريف الاعمال، اكسبه ولاية اضافية لسنة بدلا من ستة اشهر، كما كان منتظرا لو حصل التمديد عن طريق الحكومة. ويضيف هؤلاء ان رئيس الجمهورية الجديد يستطيع ان يستبدله بقائد آخر، لكن المعطيات والاجواء التي فرضت التمديد لعون، لا تؤشر الى احتمال لجوء الرئيس الى مثل هذه الخطوة، خصوصا اذا طالت ازمة رئاسة الجمهورية.
ويرى البعض الآخر، ان مفاعيل التمديد قد تنتهي مع رئيس الجمهورية الجديد، وان لا شيء يضمن بقاء العماد عون قائدا للجيش لسنة كاملة، مع العلم ان الاطراف التي مددت له “موالاة ومعارضة”، لا تضمن مسار معركة الرئاسة ونتائجها.
ويجمع الاطراف على اختلاف ميولهم، باستثناء “التيار الوطني الحر”، ان التمديد لعون في هذه الظروف كان امراً متوقعا وطبيعياً، وانه لا حاجة لافتعال معركة بشأن هذه القضية، خصوصا ان العماد عون كسب ثقة الكثيرين في قيادته للمؤسسة العسكرية في الداخل والخارج، وقاد الجيش بشكل متوازن ما حافظ على هذه المؤسسة ومناعتها رغم كل الضغوط التي تعرضت لها، اكان خلال ما سمي ب “ثورة 17 تشرين” وتداعياتها على الارض، ام في مرحلة المعركة من الارهابيين في الداخل وعلى الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا، ام بادائه في الجنوب وتعاونه مع قوات “اليونيفيل” الدولية وتعاطيه مع الواقع الميداني على الارض، عدا بطبيعة الحال عن التزامه بالقرار السياسي والدفاع عن حدود لبنان البرية والبحرية.
ومن مفاعيل جلسة التمديد ايضا ، انها اكدت دور المجلس النيابي، المؤسسة الأم، ليس في الحق بالتشريع فحسب، بل ايضا في حسم الاستحقاقات الاساسية او الداهمة. ومما لا شك فيه ان الاجواء التي سادت خلال هذه الجلسة، “برّدت” معظم الجبهات السياسية وخلقت مناخا يمكن البناء عليه لوقف المتاريس بين القوى السياسية، وترجيح لغة التواصل ان لم نقل الحوار.
وبرأي مصدر سياسي مطلع ان المهم الاستثمار على هذا “الجو السياسي الدافىء نسبيا، وعدم تصوير التمديد بانه معركة بين فريق وفريق، بغض النظر عن موقف احد التكتلات النيابية من هذه القضية”.