أميركا نحو إرسال جنود إلى المنطقة لـ«ردع أعداء إسرائيل»
الانطباع القوي بفشل الجولة الدبلوماسية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، انعكس خطوات أميركية أكثر تشدداً في سياق توفير الحماية لإسرائيل. وكان لافتاً ما نقلته قناة «الجزيرة» عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية من «وضع قوات أميركية على أهبة الاستعداد في حال استدعت الحاجة إلى نشرها في منطقة الشرق الأوسط»، فيما نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول في البنتاغون «أننا خصّصنا 2000 جندي لدعم العملية البرية الإسرائيلية في غزة».
وبحسب زوار أجانب لبيروت والدوحة، فإن الولايات المتحدة تعتقد أن الوضع «قد يسوء أكثر في الأيام المقبلة»، مشيرة إلى أن «قرار شن حرب برية قيد التشاور مع واشنطن وعواصم أخرى وتل أبيب التي طلبت دعماً متنوّعاً، بما فيه دعم استخباراتي، وأن الأمر قد يتطور إلى طلب دعم أكبر، خصوصاً من الأميركيين الذين يشعرون بأنهم معنيون بحماية إسرائيل من أي تهديد».
ويبدو أن الخطوة الأميركية ترد في سياق رفع مستوى التهديد الموجّه إلى حزب الله تحديداً، ربطاً بالاتصالات التي أجرتها أطراف كثيرة مع الحزب وإيران في الأيام القليلة الماضية، والتي لم يحصل معظم الوسطاء بنتيجتها على جواب واضح حول خطط الحزب، فيما تواصل المقاومة الإسلامية تنفيذ ضربات مختارة ضد مواقع قوات الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.
في هذه الأثناء، أطلق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، بعد عودته إلى طهران، مواقف لافتة مرتفعة السقف. فقد نقلت وكالات الأنباء الإيرانية عن عبداللهيان مساء أمس «أن أي عمل استباقي من قبل المقاومة ضد إسرائيل في الساعات المقبلة أمر وارد». وأضاف: «خلال جولتي في المنطقة والاجتماع مع قادة المقاومة، كان الأمر الوحيد في ذهنهم هو أنه إذا أدّت الحلول السياسية إلى نتيجة، فسينظرون إلى هذه الفرصة للقيام بذلك، ولكن إذا استمرت جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين، فمن المحتمل اتخاذ أي إجراء».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إيران ستدخل الحرب، قال عبداللهيان: «كل الاحتمالات واردة (…) لا يمكن لأي طرف أن يبقى غير مبالٍ باستمرار هذا الوضع. اليوم، عندما نتحدث عن المقاومة، لا نتحدث عن حزب الله وحده». وأوضح: «كان لي حديث مع قادة المقاومة الآخرين، إضافة إلى الاجتماع مع الأمين العام لحزب الله. وللسيد (حسن) نصرالله دور مؤثّر. وكان المحور الرئيسي لمشاوراتنا يتعلق بالوضع الحالي في المنطقة. وأثناء شرحه لأزمات الكيان الصهيوني طرح بعض الأفكار. كل الخيارات والسيناريوهات الممكنة مطروحة أمام حزب الله. لقد تمّ تقدير كل شيء بشكل صحيح في الحسابات، ولن يسمح قادة المقاومة للكيان الصهيوني بالقيام بأي إجراء في المنطقة. واتخاذ أي إجراء استباقي خلال الساعات المقبلة محتمل». وخلص عبداللهيان إلى «أننا إذا لم ندافع عن غزة اليوم، فعلينا أن ندافع (غداً) عن مدننا. وقال السيد نصرالله أيضاً إنه إذا لم نتخذ إجراءً فورياً، فسنضطر إلى القتال مع القوات الصهيونية في بيروت غداً». وأضاف: «أود أن ألفت انتباه السيد الأمين العام للأمم المتحدة، أن الوقت ينفد، وإن كنت تريد اتخاذ إجراء ما فافعل قبل فوات الأوان. ربما اهتمت قوى جبهات المقاومة بتوصياتنا إلى الآن، لكن هذا لا يعني أنها ستهتمّ بتوصياتنا ليوم غد أيضاً».
وتكشّف أمس المزيد من التفاصيل حول المشاريع التي حملها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة، ومن بينها مشروع يقضي بإيجاد حل مؤقت يسمح بنقل نصف سكان قطاع غزة إلى مصر ودول خليجية أخرى، ريثما يتم التوصل إلى حل سياسي سريع وشامل. وقالت مصادر على صلة بالعاصمة المصرية إن بلينكن فوجئ بطريقة استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له، وبكلامه العلني الرافض للحملة الإسرائيلية. وأضافت أن مساعدين للسيسي نصحوا بلينكن بعدم إثارة ملف التهجير معه، والتركيز على سبل تهدئة الأمور. وبحسب مصادر إعلامية، فإن الوزير الأميركي لم يكن مرتاحاً أيضاً لزيارته للسعودية، إذ إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعمّد تأخير الاجتماع معه لأكثر من عشر ساعات، ثم أبلغه بموقف الرياض الرافض لفكرة التهجير، مشدّداً على أن الحل يكون بالعودة إلى مبادرة السلام العربية.
مع ذلك، لم يتوقف الأميركيون عن مساعيهم مع التشديد على رغبتهم بكسب الأيام القليلة المقبلة لتنفيذ اتفاق «هدنة إنسانية» يسمح لحاملي الجنسيات الأجنبية في غزة بالسفر إلى مصر وإطلاق سراح الأميركيين المحتجزين في غزة مقابل تمرير مساعدات طبية وإغاثية إلى القطاع. ويبدو أن إسرائيل هي من يرفض السير بالخطوة كونها ترى فيها تراجعاً أمام ضغوط حماس، فيما الملف الإنساني ليس أولوية لدى أي مسؤول في إسرائيل الآن.