AUB تنعى أستاذاً قتلته إسرائيل: «وافته المنيّة»!
«الدكتور محمد دبور وافته المنيّة». هكذا نعت الجامعة الأميركية في بيروت الباحث والطبيب الفلسطيني في الجامعة بعد استشهاده في الغارات التي يشنّها العدو الإسرائيلي على غزة، وكأنه قُتل في حادث سيارة أو نتيجة أزمة قلبية. اعتراضات طلاب وأساتذة وسيل التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت الجامعة إلى محاولة «تكحيل» بيان النعي، فأعمت العيون تماماً عن العدو الإسرائيلي، إذ عدّلت الصيغة، أول من أمس، وضمّنتها عبارة «قُتل الدكتور دبّور في غارة على قطاع غزة»، مجهّلة الفاعل مرة أخرى، وكأنّ هناك أي مجال للالتباس حول من يصبّ الموت على القطاع. ولكمّ الأفواه، فإن الجامعة التي أعرب رئيسها فضلو خوري، في بيان في نيسان الماضي، عن قلقه على الحريات في لبنان، أغلقت باب التعليقات على المنشور. فيما لم يجد أساتذة الجامعة سبيلاً للتضامن مع غزة، ومع زميلهم الشهيد، سوى كتابة رسالة إلكترونية جوّالة وقّع عليها كلّ منهم بشكل شخصي، وأضاف عبارات التضامن كـ«كلّنا غزة» أو «لن نترك الشعب الفلسطيني».
الشهيد دبور، رئيس قسم علم الأمراض في الجامعة الإسلامية ومستشفى دار الشفاء في غزة، لم يستحقّ من الجامعة التي عمل حتى آخر لحظة من حياته على أبحاث تغنيها «بيان الخفة والمياعة» هذا، بحسب وصف أحد الأساتذة. النعي الذي لم يذكر اسم قاتل دبور صبّ الزيت على نار النقاش حول الموقف «غير المقبول» لإدارة الجامعة من الاحتلال والحريات، وفق بعض الأساتذة، وحول ارتهانها للأجندات الخارجية مقابل الدعم المادي الذي تحصل عليه من جمعيات أميركية. فـ«مجلس الأمناء يريد النأي بنفسه عن المشكلات عندما يتعلق الأمر بالأميركي لئلا يُغضِب الجهات المموّلة للجامعة، فيما لا يتورّع رئيس الجامعة عن الدعوة إلى إسقاط أنظمة، والتدخل في تشكيل حكومات عندما تخدم هذه الخطوات أصحاب المال والسلطة».
الموقف من استشهاد دبور كان فرصة للتعبير عن تململ كبير من سياسة إدارة الجامعة التي «تحوّلت من مناصرة الحريات وتشجيع حرية الرأي والتعبير إلى الانصياع التام للسياسات الغربية وجدول أعمال الجهات المانحة». ويؤكد أساتذة أن «الجو العام في الجامعة متضامن مع الشعب الفلسطيني، ولكنّ الإدارة تمكّنت من فرض ترويض الأساتذة الذين لا يجرؤون على التعبير عن آرائهم»، بحسب أحد الأساتذة، مشيراً إلى أن «عبارات التضامن مع فلسطين لا ترقى إلى مستوى الجريمة التي تحصل بحق الشعب الفلسطيني، إذ يُفترض أن تشهد الجامعة نشاطات يومية للتضامن في وجه المذبحة المفتوحة». ولفت إلى أن «الإدارة تغضّ النظر عن التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها تتشدّد في الوقوف على الحياد لأنها لا تريد المخاطرة بوقف تمويل أيّ من برامجها».
عضو في «اتحاد الأساتذة»، وهو تجمّع نقابي غير رسمي لأساتذة الجامعة، أشار إلى أنّ «المواقف لا تزال دون السقف المطلوب، فالرسالة الإلكترونية لا تعبّر عن الغضب والتضامن الكبيرين مع ما يجري في غزة». وحتى على مستوى الطلاب، «لم يجرِ تنظيم سوى تحرّك واحد. الجو ميت سياسياً بشكل عام، والتحرّكات من دون زخم، لأن النسيج الطالبيّ تغيّر وله أولويات أخرى. طلاب الجامعة اليوم ينتمون إلى طبقات اجتماعية ميسورة مادياً، ولها حساباتها الخاصة عندما يتعلّق الأمر بمواجهة الأميركي».