نتنياهو وبلينكن ومجلس الحرب إلى الملاجئ هربا من صواريخ المقاومة… وبايدن يصل الخميس / زحمة وزراء وموفدين إلى بيروت… وبري: إذا نجح تهجير غزة سقط الأمن العربي وبدأ التقسيم/ عبداللهيان: محور المقاومة إلى خطوات استباقية… والقسام : الأسرى 250 وسنفرج عن الأجانب/
كتب المحرّر السياسيّ-البنلء
تتوزّع الحركة السياسي والدبلوماسية في المنطقة بين تل أبيب وبيروت، في تل أبيب اجتمع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بمجلس الحرب في كيان الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، قبل أن تداهمهم صواريخ المقاومة وتجبرهم على النزول إلى الملاجئ، ناقلاً الأجواء التي عاد بها من جولته على دول المنطقة الحليفة لواشنطن، والتي سمع فيها ما لخصه بالدعوة الى وقف النار وتأمين المساعدات إلى غزة كأولوية، بينما يصل اليوم المستشار الألماني أولاف شولتز متضامناً، ويصل بعد غد الرئيس الأميركي جو بايدن، للمشاركة في تقدير الموقف، لجهة فرص البدء بالعملية العسكرية البرية، أو مواصلة عملية القتل والتدمير، أو فتح الطريق للمسار التفاوضي، بينما في بيروت فقد جالت وزيرة الخارجية الفرنسية على المسؤولين ناقلة التحذيرات من خطورة انخراط حزب الله في حرب غزة، بينما يصل وزير الخارجية التركية للتشاور، وذلك بعدما غادر وزير الخارجية الإيرانية بيروت، حاملاً التحذيرات من خطر انفجار المنطقة إذا تواصلت عمليات القتل والتدمير في غزة، مجدداً أمس الكلام عن احتمال قيام محور المقاومة بخطوات استباقية ما لم يتوقف العدوان الوحشيّ على غزة.
في المواقف كان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام المؤتمر البرلماني لدول العالم الإسلامي، مخصصاً للحديث عن حرب غزة، داعياً لكل أشكال المساندة، محذراً من نجاح مشروع تهجير غزة باعتباره إعلان سقوط الأمن القومي العربي وبداية مشروع تقسيم دول المنطقة إلى دويلات.
في المواقف أيضاً، وبما يوحي بوجود مساعٍ تفاوضية نشطة تحدث الناطق بلسان قوات القسام، كاشفاً العدد الإجمالي للأسرى بـ 250، منهم 200 لدى قوات القسام، مشيراً الى قرار القسام بالإفراج عن الأجانب بصفتهم ضيوفاً مؤقتين ريثما تسمح الظروف بإطلاقهم.
وحذّر الرئيس نبيه بري، من مشروع «ترانسفير» الذي يحاول العدو الإسرائيلي فرضه على الفلسطينيين عبر تهجير أهالي غزة الى سيناء، منبهاً الى أن نجاح هذا المشروع سيؤدي الى سقوط الأمن القومي العربي.
وخلال كلمة ألقاها عبر تقنيّة “الفيديو كول”، في المؤتمر الطّارئ لرؤساء المجالس النّيابيّة لاتحاد مجالس الدّول الأعضاء في “منظمة التعاون الإسلامي”، شدد الرئيس بري على أنّ “الدّفاع عن غزة وعن فلسطين ليس مسؤوليّة فصيل فلسطيني بعينه، وليس مسؤوليّة الفلسطينيّين وحدهم، بل هو مسؤوليّة الأمّة جمعاء”، مشدّدًا على أنّ “المشروع الإسرائيلي الّذي ينفَّذ الآن فوق جغرافيا قطاع غزة بالدّم والنّار والتّدمير، والّذي يتبارى المستويان السّياسي والعسكري في الكيان الإسرائيلي على التّباهي بإعلانه وكشف نواياه، من خلال العودة إلى التّلويح بمخطّط “الترانسفير” للشعب الفلسطيني من قطاع غزة باتجاه شبه جزيره سيناء، إذا ما قدّر لهذا المخطّط أن يمر هو ليس سقوطًا وقضاءً على القضية الفلسطينية، إنّما هو سقوط للأمن القومي العربي والإسلامي، ومشروع تجزئة وتقسيم للمنطقة بأسرها إلى دويلات طائفيّة وعرقيّة متناحرة؛ تكون “إسرائيل” فيها هي الكيان الأقوى”.
وطالب بري الدّول الأعضاء في المنظّمة الّتي تقيم اتفاقيّات مع الكيان الصّهيوني، إلغاء هذه الاتفاقيّات فورًا، أو تجميد العمل بها إذا لم يكن متاحًا إلغاؤها. ما دعا الى المسارعة فورًا إلى تشكيل وفود حكوميّة من دول المنظّمة، تتحرّك وتتوزّع على عواصم القرار كافّة في العالم، لوقف حرب الإبادة الّتي تشنّها آلة الحرب الإسرائيليّة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والضّغط أيضًا من أجل وقف كلّ مشاريع التّهويد الّتي تستهدف المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس والمسجد الأقصى؛ لا سيّما مشاريع تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا.
الى ذلك، يعيش لبنان سباقاً محموماً بين انفجار الجبهة الجنوبية على نطاق واسع وبين نجاح الضغوط الديبلوماسية لاحتواء الوضع على الحدود، إذ يشهد لبنان حركة ديبلوماسية كثيفة ولافتة محورها واحد هو الضغط على حزب الله لعدم التوغل أكثر بالحرب بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال.
وتقدمت هذه الحركة الديبلوماسية وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا التي جالت أمس، على كبار المسؤولين اللبنانيين لاجراء جولة محادثات مستبقة نظيرها التركي هاكان فيدان الذي يصل اليوم، بحسب الخارجية التركية، للغاية نفسها، وأيضاً موفد بريطاني خلال الأسبوع الحالي وفق ما علمت “البناء”.
والتقت الوزيرة الفرنسية الرئيس بري في عين التينة بحضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو ومديرة أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفيرة آن غريو وعدد من المستشارين في الخارجية الفرنسية، حيث جرى عرض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. واستمرّ اللقاء لأكثر من ٤٥ دقيقة غادرت بعده كولونا دون الإدلاء بتصريح.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن “كولونا نقلت للرئيس بري قلق بلادها من الأوضاع الأمنية على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتزايد احتمال تدهور الاشتباك القائم الى حرب شاملة”، وشددت الوزيرة الفرنسية للرئيس بري على ضرورة بذل المساعي للضغط على حزب الله لتفادي الحرب، ونقلت تحذيرات بأن أي حرب سترتب تداعيات كبيرة على لبنان والمنطقة، كما أكدت ضرورة الحفاظ على الاستقرار على الحدود من خلال بقاء لبنان بمنأى عن المواجهة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أن الحكومة تواصل اتصالاتها داخلياً وخارجياً لإبقاء الوضع هادئاً في الداخل اللبناني قدر المستطاع وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة”.
وشدد على أن “الاتصالات تتم بعيداً من الإثارة الاعلامية حرصاً على نجاحها ولعدم اثارة الهلع عند الناس”. معتبراً أن “الاتهامات التي توجّه الى الحكومة بالتقصير هي اتهامات سياسية للتحامل ولا أساس لها على ارض الواقع”. وفي خلال لقاءاته في السراي قال ميقاتي “هناك وحدة لبنانية كاملة تضامناً مع فلسطين، لكن لا مصلحة لأحد بالقيام بمغامرة فتح جبهة من جنوب لبنان، لان اللبنانيين غير قادرين على التحمّل”.
وفي موازاة ذلك، واصل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب لقاءاته الديبلوماسية، حيث التقى على التوالي سفراء دول كل من: الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، سويسرا ماريون ويشلت، روسيا ألكسندر روداكوف، اليابان ماغوشي ماسايوكي، الصين تشيان مينجيان، فرنسا هيرفيه ماغرو، الارجنتين موريسيو أليس، وبريطانيا هاميش كاول. وقد تمّ التشاور مع سفراء الدول المذكورة في آخر التطورات في غزة والجنوب، حيث شدد الوزير بو حبيب على عدم رغبة لبنان في التصعيد، محذراً من عواقب الدعم اللامحدود لـ”إسرائيل” على الأمن والسلم الإقليميين، وتجاوزاتها للقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب من خلال قيامها بعقاب وحصار جماعي مفروض على الشعب الفلسطيني في غزة.
الى ذلك استمرت المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأصدرت المقاومة الاسلامية في لبنان سلسلة بيانات عن عملياتها ضد مواقع وتحركات قوات الاحتلال، فأعلنت أن المقاومين “هاجموا موقع الضهيرة الإسرائيلي واستهدفوا دبابة ميركافا عند مدخله بالصواريخ المُوجّهة وأصابوها إصابة مباشرة، كما استهدفوا خمسة مواقع إسرائيلية هي: موقع مسكاف عام، خربة المنارة، هرمون، موقع ريشا وموقع رامية، بالأسلحة المباشرة والمناسبة، وحققوا فيها إصابات مؤكدة”.
وتشير أوساط مطلعة على الجبهة الجنوبية لـ”البناء” الى أن المقاومة مستمرة في عملياتها العسكرية ضد مواقع الاحتلال وأن الوضع الميداني تحت السيطرة والمقاومة على أهبة الاستعداد وهي تفرض معادلة صعبة على العدو، مؤكدة أن استهداف مواقع العدو لن يتوقف وسيستمر بشكل يومي وكل مواقعه وثكناته وتحركاته وآلياته ستكون هدفاً للمقاومة، متوعّدة العدو بمفاجآت في الوقت المناسب، مبينة أن عمليات المقاومة ستتصاعد بشكل تدريجي بمستوى يرتبط بالتطورات الميدانية في فلسطين المحتلة وفي غزة تحديداً.
ومساء أمس، أطلق جيش الاحتلال من مواقعه في مزارع شبعا قنابل مضيئة فوق قرى العرقوب وتزامن ذلك مع تحليق للطيران التجسسيّ من حين لآخر في سماء المنطقة. كما أطلقت قذائف فسفور على بلدة الضهيرة جنوب لبنان، وقنابل مضيئة فوق كفرشوبا ومزارع شبعا.
في المقابل لا يزال الذعر يسيطر على كيان الاحتلال والمستوطنين في شمال فلسطين المحتلة خوفاً من حدث ما قد يحصل في أي وقت.
وأعلن جيش الاحتلال تفعيل خطة لإجلاء سكان الشمال الذين يعيشون على مسافة تصل إلى 2 كم من الحدود اللبنانية، محذراً من أن “إذا قرر حزب الله مهاجمة “إسرائيل” سيكون الرد عنيفاً”، وقال: “عززنا وحداتنا على حدودنا الشمالية وسنرد بحزم وقوة على كل عملية ضدنا”.
كما أمر الجيش سكان منطقة المطلة الحدودية مع لبنان بدخول الملاجئ تحسباً لوجود عملية تسلل.
بدوره، توجّه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، لإيران وحزب الله بالقول: “احذروا ولا تختبروا إسرائيل في حدودنا الشمالية وإلا ستدفعون ثمناً كبيراً”، مشدداً على أن “الرد سيكون بحجم الجريمة».
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض، الى أننا “لا نريد للنزاع أن يتسع ونبقي أعيننا على الجبهة الشمالية لـ”إسرائيل”، ولم نرصد أي مؤشرات على رغبة حزب الله في توسيع المواجهات مع “إسرائيل»”.
ويعتقد خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية بأن الحزب سيدخل المعركة بحال استمرت قوات الاحتلال بحرب الإبادة على قطاع غزة، موضحين لـ”البناء” بأن فتح الجبهات سينسّق بين الغرفة المشتركة لمحور المقاومة الذي يضمّ لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن. وقد تفتح هذه الجبهات تدريجياً ويطلق صواريخ من كل الجبهات على كامل المستوطنات الإسرائيلية في وقت واحد، مع احتمال دخول فرق خاصة من حزب الله وحركة حماس الى المنطقة الشمالية والجليل وربما تدخل مجموعات أخرى موجودة في سورية الى الجولان. وقد يستهدف حزب الله أو حركة حماس ميناء حيفا بالصواريخ الدقيقة ما يؤدي الى تعطل التجارة الخارجية وبطبيعة الحال نقل النفط والغاز الى أوروبا، ومن السيناريوات ايضاً استهداف حقل كاريش بمسيرات تابعة للحزب. كما وقد تقصف إيران بالصواريخ البعيدة المدى المدن الإسرائيلية وبحال تطورت الحرب قد تغلق مضيق هرمز أمام الملاحة الغربية ويغلق أنصار الله في اليمن مضيق باب المندب. وهنا وفق الخبراء نكون قد دخلنا في حرب إقليمية كبيرة لن تنتهي بأشهر وربما بعام.
وبعد الفرنسيين والألمان، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، أن “الكنديين في لبنان يجب أن يفكروا في المغادرة بينما تظل الرحلات الجوية التجارية متاحة”. وبدورها، أعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها المتّجهة إلى بيروت حتى 28 تشرين الأول “بسبب الوضع في الشرق الأدنى والتوترات على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان».