الإنسانية في العناية المركزة…
سفير الشمال-د. رنا الجمل
لن أتكلم عما يجري اليوم من حولنا من زاوية القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان..
فجميعنا متفق على ان ما يجري اليوم من جرائم بحق الإنسانية وبحق الله.. تخالف جميع الشرائع السماوية وجميع القوانين الوضعية من أول اليابسة..الى “بئر كولا العميق” آخر مكان في العالم وجميع المجموعة الدولية التي وضعت أصلا لحماية حقوق الانسان من نهشها..
لكن سأتكلم عن الحاضنة الأساسية التي ينمو ويترعرع فيها القانون الدولي لحقوق الإنسان وهل هناك أهم من الحضانة التي يتقاتل فيها الأب والأم على أبواب المحكمة الشرعية؟
المُهم، ان هذه الحاضنة هنا هي (منظمة الأمم المتحدة) ومجلس الأمن كجهاز رئيسي فيها لوقف انتهاكات حقوق الإنسان..
هذه المنظمة التي تأسست في أعقاب الحرب العالمية الثانية لكي لا تتجدد فظاعات هذه الحرب !!
ومجلس الأمن هذه الشماّعة التي يعلق عليها “دماء و دموع” الأطفال الأبرياء والمدنيين العُزل..
مجلس الأمن المتقاعس عن القيام بدوره ربما لسوء نية وربما لإهمال واستخفاف وربما لتواطؤ وربما وربما..
هذا المجلس الذي يدخل في صلب صلاحياته حفظ السلم والأمن الدوليين والذي يحق له وفي ظل هكذا إبادة أن يتحرك من تلقاء نفسه وأن يعقد اجتماعات متلاحقة ويتخذ قرارات واجراءات وتوجيهات وجزاءات قمعية وغير قمعية بوقف إطلاق النار وإيفاد مقررين خاصين لكتابة التقارير وإيفادها إليه وحظر توريد الأسلحة والحصار وقطع العلاقات الدبلوماسية والى ما هنالك من أمور..
لكن كيف لمجلس الأمن الذي تدخل ضمن أهم صلاحياته حفظ السلام والأمن الدوليين وأعضائه الدائمين تتوفر فيهم شبهات حول مخالفة قواعد حقوق الانسان؟!!
وكيف لمجلس الأمن ان يستخدم حق الفيتو وان يمتنع عن استخدام هذا الحق لأجل مصالح انتهازية وخاصة في ظل هذه الابادة الجماعية والفظاعات التي ترتكب!!
ووفقا لأي معايير تتمتع هذه الدول بالعضوية الدائمة (وهل فكرة الديمومة جائزة في منطق حقوق الإنسان وثقافة العدالة المجتمعية؟؟)
ألم يحن الوقت لإعادة خلط الأوراق لجهة تعيين الأعضاء الدائمين فيه؟!
ألا يجب أن تكون سير هذه الدول الذاتية تستجمع الشروط المطلوبة لتولي هكذا منصب وهكذا عضوية من احترام وتكريس لحقوق الانسان ومن شفافية ومن تدخل إيجابي ومصداقية ونزاهة في المواقف وعرض الأمور، فوسائل التواصل الاجتماعي على غلاظتها فقد فضحت المستور ..
فهناك مبدأ هام في الفقه القانوني يقول أنه “لا يحد السلطة إلاّ السلطة”
فما بالك اذا اجتمعت جميع هذه السلطات في شخص الجلادين..
وما بالك من المتنبي عندما يقول
“يا أعدل الناس إلاّ في……… فيك الخصام و أنت الخصم والحكم”..
الكاتبة: المحامية د. رنا الجمل.
أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان.