لماذا تحوّلت قضيّة قيادة الجيش الى معركة كبرى… وما هي علاقتها بالرئاسة؟ الكباش المسيحي الحاد يُصعّب الحلول والمخارج ويصبّ النار على الأزمة
لماذا تحوّلت قضيّة … وما هي علاقتها بالرئاسة؟
الكباش المسيحي الحاد يُصعّب الحلول والمخارج ويصبّ النار على الأزمة
تحولت قضية قيادة الجيش الى اسحقاق ذات ابعاد كبيرة تطغى على الاستحقاقات الداخلية الاخرى، لا سيما بعد تراجع التركيز على ملف الاستحقاق الرئاسي اثر اندلاع حرب غزة، وانخفاض منسوب التحرك الداخلي والخارجي بشأنه الى الحدود الدنيا ان لم نقل الى الصفر .
وعلى الرغم من اهمية قضية مصير قائد الجيش، فان ما يثار حولها يكاد يتحول الى معركة كبرى ذات ابعاد سياسية تتجاوز حدودها .
وبسبب التعاطي السياسي مع هذه القضية لاسباب مبررة واخرى غير مبررة، لم تفلح كل الجهود المبذولة يوميا في التوصل الى حل لها، الامر الذي يبقيها معلقة الى اللحظة الاخيرة .
وبرأي مصدر نيابي مطلع ان ثمة ثلاثة عناصر تحكم هذه القضية وحلها، هي :
١- اجماع على عدم حصول فراغ في هذا الموقع العسكري والوطني، بغض النظر عن الطروحات المختلفة للحل .
٢- ضرورة الحفاظ على المؤسسة العسكرية ودورها الامني والوطني، وتعزيز مناعتها في اي حل يعتمد .
٣- ابعاد التجاذبات والمصالح السياسية عن هذه القضية، والتعامل معها من منطلق وطني جامع.
لكن ما يسجل حتى الآن من تجاذب حاد حول مصير وهوية قائد الجيش، يعكس التداخل السياسي الكبير في طرح الحلول . ولعل ابرز ما في هذا التداخل هو ربط طريقة التعامل مع هذه القضية بالاستحقاق الرئاسي .
ويتردد في الاوساط السياسية ان التمديد للعماد جوزاف عون يعزز فرصته او على الاقل يبقي على فرصته في التنافس على رئاسة الجمهورية، وان تعيين قائد جديد للجيش يعني تراجع فرصته الى الحد الادنى وربما انعدامها في السباق الى بعبدا .
وتظهر المبارزة في هذه المعركة بقوة على الساحة المسيحية بين موقفين مختلفين الى الحد الاقصى . فهناك فريق مسيحي يعارض فكرة التمديد لعون، ولا يخفي انتقاده لادائه في قيادة الجيش، معتبرا بانه يتجاوز القوانين ويقفز فوق صلاحيات وزير الدفاع .
وفي المقابل، يضغط فريق مسيحي آخر مستخدما كل السبل الممكنة للتمديد لقائد الجيش، مبررا موقفه بانه ينطلق من رغبته وسعيه الى عدم احداث اي خلل او اهتزاز في المؤسسة العسكرية، لا سيما في هذا الظرف الاستثنائي.
وبرأي المصدر النيابي المطلع ان مواقف الاطراف الاخرى خارج الصف المسيحي لا تتسم بالحدة التي تتميز بها التجاذبات في الساحة المسيحية، بغض النظر عن التحالفات السياسية التقليدية السائدة.
ويقول المصدر ان التجاذب الحاد بين الطرفين المسيحيين الاساسيين حول هذه القضية، ساهم في زيادة تسييسها الى جانب مواقف وتحركات اخرى، لا سيما التحرك الاميركي الداعم للتمديد.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تقول مصادر متابعة انه من الصعب الحديث عن مخرج توافقي قريب، لكن الوقت ما زال متاحا للتفتيش عن هذا المخرج، الذي لا يمنح اي طرف مكاسب جدية في معركة رئاسة الجمهورية .وتقول المصادر ان هناك عوائق دستورية وقانونية تصعب مهمة السعي الى حل هذه القضية . وتعتقد ان الحل سيكون سياسيا طالما انها اخذت بعدا سياسيا منذ اللحظة الاولى .
وبرأي المصادر ان لهجة التحدي المعتمدة مؤخرا بين طرفين مسيحيين اساسيين تساهم في صب الزيت على نار هذه الازمة، وان كل صيغة تطرح باتت تحت مرمى اي طرف من الطرفين .
ويخوض الطرف المسيحي المعارض للتمديد لقائد الجيش معركته، مركزا على مبدأ رفض فكرة او فلسفة التمديد في اي موقع او منصب في الدولة، اكان على المستوى السياسي ام على المستوى العسكري والمدني . ويعتبر ان مبدأ التمديد يتعارض مع الدستور والقوانين المرعية . ولا يخفي في الوقت نفسه معارضته لشخص العماد عون .
وقد سعى هذا الطرف بداية الى الترويج لفكرة تولي الضابط المسيحي الاعلى رتبة مهام قيادة الجيش مع بدء الفراغ الرئاسي في ١٠ كانون الثاني المقبل، وهو ما يزال يدرجها في الحسابات المطروحة، رغم انتقاله مؤخرا الى موقف آخر يرمي الى تعيين قائد جديد للجيش مع اعضاء المجلس العسكري للمراكز الشاغرة بمن فيهم رئيس الاركان . ويشترط التعيين عبر مراسيم في مجلس الوزراء موقعة من كل اعضاء الحكومة .
ويسعى الطرف الداعي للتمديد للعماد عون الى دعم موقفه مستعينا بعناصر عديدة منها موقف بكركي المدافع عن هذه الفكرة، والضغط الاميركي بهذا الاتجاه، رغم الحديث مؤخرا بان الادارة الاميركية لا تضع “فيتو” على اسم المرشح لقيادة الجيش مدير المخابرات العميد طوني قهوجي .
ويخرق كل طرف من الطرفين المسيحيين ” محرمات” كانا اعلناها سابقا . فالطرف الاول تجاوز او تراجع عن رفض تعيين قائد جديد للجيش في غياب وجود رئيس للجمهورية مبررا موقفه بامرين:
١- الظرف الاستثنائي الذي يقضي بمثل هذا التعيين الاستثنائي، وعدم دستورية اي صيغة للتمديد .
٢- التمسك بتوقيع الـ ٢٤ وزيرا على مرسوم التعيين استنادا الى الدستور الذي ينص على سلطة مجلس الوزراء مجتمعا في غياب رئيس الجمهورية وفق تفسيره .
ويعتبر الطرف المؤيد للتمديد ان اقتراحه في مجلس النواب ينطلق الظروف والحاجة الاستثنائية للحفاظ على هذا الموقع الهام والحساس وعدم حصول فراغ فيه . ويبرر بقبول تشريعه في المجلس، رغم انه عارض دائما التشريع قبل انتخاب الرئيس بان مثل هذه الخطوة لا بد منها، لكنه لم يعلن حتى الآن عن موافقته المشاركة في تشريع اي بند آخر في جلسة مجلس النواب .