مقالات

هوكستين بعد غزّة: الترسيم البرّيّ… مقابل “البحبوحة”؟

خالد البوّاب – أساس ميديا

كما يُطرح السؤال عن مستقبل قطاع غزة وحركة حماس فيه بعد انتهاء الحرب، فإنّ السؤال الأكثر إلحاحاً دولياً يتعلّق بما سيكون عليه الوضع في جنوب لبنان بعد انتهائها.

هناك نقاشات دولية كثيرة تفيد بأنّه يستحيل العودة إلى الصيغة التي كانت قائمة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، خصوصاً أنّ الحزب عمل على إرساء قواعد اشتباك جديدة، من ضمنها تهجير سكان المستوطنات الشمالية. وعلى الرغم من استمرار الحزب بعملياته العسكرية ومواجهاته مع العدوّ الإسرائيلي وربطها بوقف إطلاق النار في قطاع غزّة، إلا أنّ ذلك يؤكّد أيضاً أنّ الصيغة الحالية من الضربات والضربات المضادّة لا يمكنها أن تبقى على وتيرتها.

يرتكز الضغط الدولي على سبيل تثبيت قواعد الاشتباك حاليّاً ومنع تمدّدها أو توسّعها، وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية، وسط بحث عمّا سيكون عليه الوضع في جنوب لبنان بعد الوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزّة.

فرصة “ذهبيّة” لضرب الحزب؟

من الواضح أنّ إسرائيل تعيش في مأزق حقيقي بين الجنوب والشمال، فيما بعض المسؤولين هناك يعتبرون أنّها فرصة العمر لتنفيذ ضربة ضدّ الحزب بالاستناد إلى التالي:

– الدعم الدولي القائم.

– إعلان حالة الحرب.

– حكومة حربية.

– إجلاء السكّان.

وهو ما يعني أنّ إسرائيل في حالة استعداد للحرب التي لا تريدها هي ولا يريدها لبنان ولا تريدها أو تسمح بها واشنطن.

تتزايد السجالات الإسرائيلية السياسية، والشعبية، حول ما يتوجّب فعله، فيما السكان يرفضون العودة إلى المستوطنات في ظلّ احتفاظ الحزب بقوّته ونشره قوات الرضوان على طول الحدود والاستمرار بتنفيذ العمليات. هناك ضغوط كثيرة تتعرّض لها إسرائيل من الداخل للذهاب إلى تنفيذ ضربة استباقية ضدّ الحزب، فيما يأتي الرفض من الجانب السياسي، وتحديداً من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، بالإضافة إلى الضغوط الأميركية التي تمارَس لمنع التصعيد.

في المقابل، يصرّ الحزب على الاستمرار في عملياته العسكرية، وتوجيه الضربات في محاولة منه لإظهار قدرات عسكرية وقتالية عالية لتخويف الإسرائيليين من أنّ أكلاف دخولهم في حرب معه في لبنان ستكون أكبر وأضخم بكثير من خسائرهم في قطاع غزّة.

خياران أمام إسرائيل

في هذا السياق، ستكون إسرائيل أمام خيار من اثنين:

– إمّا الذهاب في لحظة جنون إلى إشعال الجبهة مع لبنان بعد حرب غزة وتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق واستهداف مواقع أساسية واستراتيجية للحزب، وهذه ستؤدّي إلى حرب مفتوحة.

– وإمّا تجنّب ذلك بالاستناد إلى المساعي الدولية والأميركية بالتحديد المبذولة لتلافي أيّ تصعيد. لكنّ ذلك سيكون بحاجة إلى اتفاق دولي كبير وشامل يتّصل بتغيير الوقائع في الجنوب، وهو ما يتيح للإسرائيليين العودة إلى مستوطناتهم في صيغة مشابهة لما كان عليه الوضع بعد حرب تموز 2006 حين تمّ تكريس استقرار لفترة طويلة.

هذه الصيغة يعمل الأميركيون على طرحها، وهناك أفكار كثيرة متداولة من بينها:

1- طرح تنفيذ القرار 1701 وفق الفصل السابع، وهي صيغة ساقطة سلفاً لأنّ الحزب يرفضها ويعتبرها إعلان حرب.

2- نشر المزيد من القوات العسكرية من الجيش اللبناني في الجنوب، وأيّ اتفاق من هذا النوع لا بدّ له أن يحصل بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.

يتّصل السباق بين الوساطات السياسية والمفاوضات وبين احتمال نشوب الحرب بالذهاب إلى وضع قواعد “أمن” جديدة، بدلاً من قواعد الاشتباك، لا سيما أنّ القرار 1701 ينصّ على نقطتين:

– وقف الأعمال العسكرية.

– والوصول إلى وقف إطلاق النار.

ما جرى تطبيقه هو وقف الأعمال العسكرية، فيما البحث يتركّز على كيفية الانتقال إلى وقف إطلاق النار، وهو ما يندرج ضمن سياق عمل المبعوث الأميركي آموس هوكستين في زيارته لبنان وإسرائيل، وعلى الاستفادة من ترسيم الحدود البحرية وتوسيعها برّاً، مع إعادة إعطاء الوعود للبنان والإغراءات بالاستثمار بالنفط والغاز بنتيجة تكريس الاستقرار.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى