فلسطين فرصة أحرار العالم
لم تنجح فلسطين خلال حرب غزة بجمع الكثير من التيارات، سواء في المنطقة أو في العالم، التي اختلفت على تقييم أحداث وحروب شهدها العالم أو شهدتها المنطقة، وخصوصاً الحرب على سورية والحرب في أوكرانيا.
لم يتأخّر الذين يؤمنون بمواجهة مشروع الهيمنة الأميركيّة حتى اكتشفوا سريعاً أن كيان الاحتلال هو خلاصة المشروع الغربي وأهم تجلياته وأن المواجهة مع كيان الاحتلال هي جزء حيويّ من المواجهة مع مشروع الهيمنة ، وأن نصرة فلسطين والانتصار لشعب غزة جزء من مواجهة مشروع الهيمنة، بل ربّما يكون الجزء الأهم والأشدّ فاعلية، لأنه يفتح الطريق لحشد أكبر ائتلاف سياسي وحكومي وشعبي عالمي في وجه مشروع الهيمنة.
لم يتأخر الذين خرجوا لنصرة فلسطين والذين انتفضوا احتجاجاً على التوحش الإسرائيلي في غزة، حتى اكتشفوا أن الحرب على غزة تقدّم لهم الصورة الحقيقية المخفيّة والمخيفة لنمط الحرب التي يتبناها النظام الحاكم في الغرب، وأن مواجهة كيان الاحتلال وتوحشه ليسا إلا وجهاً من وجوه المواجهة مع مشروع الهيمنة الغربية، التي تقودها واشنطن، وأن كيان الاحتلال ليس إلا مجرد امتداد في الشرق للمشروع الاستعماري للغرب.
حجم اللقاء الذي أتاحته فلسطين وغزة لتيارات ونخب وجماعات عجزت عن التلاقي تحت عناوين أخرى لمواجهات كان الغرب طرفاً مقابلاً فيها، كحال حربي سورية وأوكرانيا، يقول إن الحق البائن في مظلومية الشعب الفلسطيني، والباطل البائن في التوحّش الصهيوني، نجحا بإبطال مفعول الماكينة الإعلامية الهائلة القدرة التي جندها الغرب لربح حرب الرواية في معاركه الأخرى، بينما نجحت الشعوب في تشكيل روايتها الخاصة المطابقة للرواية الفلسطينية خلال حرب غزة.
إن الطامحين لتحشيد القوى لمواجهة مشروع الهيمنة معنيون برؤية ما توفره لهم فلسطين، وخصوصاً حرب غزة، من فرصة ذهبية يصعب أن تتكرّر.
التعليق السياسي-البناء