ميقاتي: لن نقبل باعتبار لبنان مشروعاً لأوطانٍ بديلة ونرفضُ تلقّي الأزمات المتتالية
لبنان24
إن الواجب يفرض علينا العمل لوقف ما يجري هناك من قتل وتدمير ممنهج لم يشهد له التاريخ مثيلا. وهنا اتوجه بالتحية الى الدول ال153 التي ايدت بالامس القرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة بحماية المدنيين ووقف العمليات الحرببة في غزة.
إننا، إذ نكرر دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، نطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وضمان حماية المدنيين والعمل على التوصل إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفق القانون الدولي.
إن لبنان، الذي يستضيف الاف الاخوة الفلسطينيين منذ بداية محنة تهجيرهم قبل 75 عاما ،ودفع اثمانا باهظة دفاعا عن القضية الفلسطينية ، ويتشاطر مع الاخوة الفلسطينيين الامكانات القليلة المتاحة لديه، ينادي بأولوية العمل على حل هذا الصراع لكونه مفتاح الحل لكل أزمات المنطقة. أما استمرار الصراع، من دون حل، فمن شأنه أن يدخل المنطقة في أزمات متتالية لا يمكن توقع نتائجها وانعكاساتها.
وفي هذا السياق أيضا فاننا نجدد المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان، والذي ادى الى سقوط مئات الشهداء والجرحى، والى خسائر مباشرة وغير مباشرة تركت انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني الرازح اصلا تحت اعباء هائلة من بينها ضغط وجود ملايين النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، بما يفوق قدرة اي بلد على التحمّل .
أيها الحضور الكريم
لقد مر ثلاثة عشر عاماً على بدء الازمة السورية ، وما تركته من انعكاسات مباشرة على لبنان، ابرزها وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على ارضنا ، وارتفاع هائل في اعداد الولادات. إن التحديات التي نواجهها جراء هذا النزوح، تتجاوز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لتطال الأمن المجتمعي، واهتزاز التركيبة الديمغرافية الحساسة لجهة تجاوز عدد الولادات السورية الولادات اللبنانية وارتفاع نسبة الجريمة واكتظاظ السجون، بما يفوق قدرات السلطات اللبنانية على التحمل. كذلك أدى التنافس على فرص العمل المحدودة الى زيادة التوترات والحوادث الأمنية.
إن ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية لدواع اقتصادية بغالبيتها . وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد هم من فئة الشباب، فيما الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللا حاداً ويضرب عن قصد او بغير قصد التركيبة اللبنانية.
أيها الحضور الكريم
ليست المرة الاولى التي نعرض فيها هذا الواقع أمامكم، فمنذ سنوات وتحن نحذر من التداعيات السلبية لهذا النزوح، ليس على لبنان فقط، بل على كل الدول ولا سيما الاوروبية ونحن نشهد موجات الهجرة غير الشرعية الى الدول الاوروبية، رغم الاجراءات المتخذة، وهذه الموجات ستزداد حتما وستشكل قنابل موقوتة في اوروبا اذا لم تعالج اسبابها الفعلية.
السيدات والسادة
يختلف اللبنانيون على الكثير من الملفات ولكنهم متحدون صوتا واحدا على مطالبة المجتمع الدولي بحل قضية النازحين وعدم الضغط على لبنان لابقائهم على أرضه.
كما نقترح تحديد فئات السوريين المهجرين التي يمكن تسهيل عودتهم، ووضع جدولة زمنية لعودتهم، مع ضمان تطبيق الضمانات القانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ان هذه الخطوات تنبع من الرؤية الوطنية للحكومة ومعظم القوى السياسية اللبنانية، بالإضافة إلى المتطلبات المستندة الى مصالح الشعبين اللبناني والسوري، وإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الذي نحرص على الالتزام به.وهنا لا بد من ان نحيي ونثمن الجهد الكبير الذي يقوم به مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد فيليبو غراندي ، فله منا اطيب تحية وكل احترام.
أيها الحضور الكريم
تبقى كلمة أخيرة اتوجه بها اليكم. قدرنا أن نتشارك واياكم تحدي معالجة النزوح، وندائي لكم أن تضعوا هذا الامر في سلم الاولويات، لاننا بتنا على شفير الانهيار الكلي.
لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع اوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصّن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة. وشكرا.