نقمة بترونية على “الداخلية”: مولوي يُقرّر… مولوي يتراجع!
ومن ناحية ثانية، يسأل الأهالي وزارة الداخلية: هل يحقّ للنازح العمل؟ وهل يحقّ له استئجار الأرض والتحكّم بها؟ وهل يحقّ له البقاء ووثائقه الرسمية مخالفة؟ والأقسى على قلوب مزارعي كفرحلدا هو أنّ السوري يقتني الشاحنة وآليات شحن غير مسجّلة ولا يملك دفتر سوق ومن لديه يكون مزوّراً، ولا تتعاطى الأجهزة معه؟
ويتكشّف حجم الفضيحة والتواطؤ بين السلطات المحلية الممثّلة بالبلدية وبين المنظّمات التي تدعمهم، وهي لا تزال تسرح وتمرح في كفرحلدا أو تعمل تحت غطاء منظّمات لبنانية، حيث نظّمت جمعية ألمانية احتفالاً الأسبوع الماضي في ساحة البلدة لتوزيع شهادات تقدير على النازحين وبعض اللبنانيين ضمن برنامج «الدمج»، وكأنّ لا قيمة لقرار قائمقام البترون ووزارة الداخلية. وما يثير الاستغراب أكثر، أنّ المزارع ابن كفرحلدا عندما كان يستأجر الأرض لم تكن البلدية تسمح له ببناء غرفة زراعية لوضع العدّة أو تأمين إقامة العمال، وبعدما أصبحت هذه المساحات في أيدي السوريين بدأت بلدية كفرحلدا منذ 5 أشهر منح رخص بناء للمالكين اللبنانيين لكي يؤمّنوا للسوريين سكنهم. ويتساءل الأهالي: هل يحصل هذا التدبير بموافقة محافظ الشمال رمزي نهرا ووزير الداخلية بسام مولوي، أو هناك صفقة مخفية بين بلدية كفرحلدا ومنظّمات دولية تدعم ذلك من أجل دمج النازحين السوريين في المجتمعات وتأمين توطينهم بطريقة مبطّنة؟
وتشير الأرقام الرسمية الى وجود نحو 40 ألف نازح في قضاء البترون، بينما يقطن نحو 37 ألف مواطن بتروني بشكل دائم، ويستوطن في مثلث كفرحلدا البساتين- بيت شلالا أكثر من 10 في المئة من إجمالي عدد النازحين.
ووحدَها الأرقام تتحدّث في سهل كفرحلدا وبساتين العصي وبيت شلالا، وجميع المسؤولين اطّلعوا عليها، فمن يقطن تحت راية نازح يستأجر أكثر من 60 قطعة أرض، و»تغطيته» أنه عامل ومكفول من لبناني ولا توجد عقود إيجار رسمية في البلدية. وهذه الأرض تقدّر بنحو 135 ألف متر مربّع من البيوت البلاستيكية التي لا تعرف الأجهزة ماذا يحصل داخلها. وقد قام عدد من أصحاب الملك اللبنانيين بتأجيرها لقاء مبالغ مالية كبيرة بعد طرد المُزارع ابن كفرحلدا منها.
ويملك النازحون في سهل كفرحلدا أكثر من 20 آلية تعمل تحت غطاء نقل الخضار، لكنها لا تخضع لأي رقابة ومعظمها غير قانوني. وقد ضُرب عمل اللبنانيين الذين كانوا يعملون في هذا المجال.
وتشير المعلومات إلى أنّ الدعم للنازح لا يأتي فقط من «الأمم»، بل هناك غضّ نظر من بلدية كفرحلدا، إضافةً إلى دعم سمسار سوري يعمل ما بين سوريا وطرابلس ويدعى (ع. ع.)، والهدف السيطرة على السهل واحتكاره والتحكّم به وطرد المُزارع اللبناني منه.
والجدير ذكره أنّ نشاط النازح لم يضرب عمل المُزارع اللبناني فحسب، بل قضى على عمل السوري القانوني الذي يدفع رسومه بشكل دوريّ، فمنذ عشرات السنوات كان هناك عمال سوريون يدخلون لبنان بشكل نظامي ويعملون في الأرض، وبعد استئجار النازحين الأرض وطرد المزارع اللبناني، استغني عن هؤلاء العمال واستبدلوا بنازحين سوريين غير قانونيين.
ومنذ إثارة هذا الملف، يظهر تقاذف مسؤوليات واضح، فالأجهزة التي تقاتل باللحم الحيّ تنتظر قرار السلطات المحلية والسلطات المحلية تضعها عند القائمقام والمحافظ، والجميع يشكو من عدم تأمين الدعم الكافي من وزير الداخلية. وفي السياق، يشكو عدد من رؤساء البلديات من تناقض بسام مولوي مع تعاميمه، فعندما تعمل بلدية ما في البترون على تطبيق القانون أو التعاميم الصادرة عنه أو تطبّق القانون تتراجع وزارة الداخلية أو حتى تتدخّل لثني البلدية عن القيام بالخطوات المطلوبة.
وتتغاضى الدولة عن اجتياح عمراني للنازحين في بساتين العصي، فالشقق المؤجّرة لا تخضع لأي رقابة وهي مكتظّة والأغلبية الساحقة من قاطنيها لا يملكون أوراقاً ثبوتية أو كفيلاً.
بعدما أصبحت كل الوقائع معروفة، يأمل الأهالي في انكشاف «القطبة المخفية»، فكل ما يطلبونه هو تطبيق القانون والتعاميم، فهل المشكلة عند بلدية كفرحلدا والبلديات أو عند القائمقام أو المحافظ أو وزير الداخلية؟ مع الإشارة إلى استعداد الأجهزة للقيام بالواجب، إذا وُجد القرار على الرغم ممّا تعانيه تلك الأجهزة. فمن يتخاذل في هذا الملف الوجودي؟
قرار وزير الداخلية
ولا بدّ من التذكير ببعض قرارات وزير الداخلية والبلديات وتعاميمه التي لا تطبّق في بساتين العصي وكفرحلدا وبيت شلالا، وكان وجّهها في 2 أيار المحافظون، ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات، ويوجد فيها نازحون سوريون وتضمّنت: إطلاق حملة مسح وطنية لتعداد النازحين السوريين وتسجيلهم، وتسجيل النازحين السوريين المقيمين ضمن نطاقها. والطلب إلى كافة المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضمّ ما يُثبت تسجيله.
التشديد على عدم تأجير أي عقار لأي نازح سوري قبل التثبّت من تسجيله لدى البلدية وحيازته إقامة شرعية في لبنان، وإجراء مسح ميداني لكلّ المؤسسات وأصحاب المهن الحرّة التي يديرها النازحون السوريون والتثبّت من حيازتها التراخيص القانونية.
وكذلك، وجّه الوزير كتاباً إلى وزارة العدل آملاً التعميم على كل كتّاب العدل بعدم تحرير أي مستند أو عقد لأي نازح سوري دون بيان وثيقة تثبت تسجيله في البلدية.