أعرف عدوك

الإطاحة بـ “الأحقر” وإطلاق سراح البرغوثي: هكذا نصيب حماس في مقتل

الإطاحة بـ “الأحقر” وإطلاق سراح البرغوثي: هكذا نصيب حماس في مقتل

هآرتس : ديمتري شومسكي

منذ شهرين ونصف تقريباً ونحاميا شترسلر يختم مقالاته في “هآرتس” بجملة صحيحة تصف شخصية وطبيعة بنيامين نتنياهو، “الشخص الأحقر في تاريخ الشعب اليهودي”. ولكن يتبين أن شترسلر يتفق مع هذا الشخص الحقير في نقطة واحدة. فشترسلر مثل نتنياهو، يعارض إعادة جميع المخطوفين بأي ثمن، بما في ذلك وقف الحرب والانسحاب الكامل من قطاع غزة، بذريعة أن هذا يعني “تقديم انتصار ليحيى السنوار” (“هآرتس”، 16/1). صحيح أنه ليس فقط عبدة شخصية بيبي، بل أيضاً الكثير من المواطنين الإسرائيليين العقلانيين الذين يأملون في التخلص من الشخص الأكثر حقارة، يعتقدون أن إلقاء السلاح الآن يعني الهزيمة المهينة والتسليم باستمرار وجود المنظمة الوطنية الإسلامية القاتلة.

لكنهم مخطئون، العكس هو الصحيح. فاستمرار القتال وقصف غزة هو ما يوفر للسنوار صورة انتصار كاملة، فكلما زاد واتسع القتل والدمار في غزة، فإن العالم ينسى فظائع 7 أكتوبر، وتزداد باستمرار شيطنة إسرائيل في الرأي العام الدولي. إضافة إلى ذلك كل يوم آخر، الذي يموت ا فيه لمخطوفون الذين تم تركهم لمصيرهم في أسر حماس، يحطم الروح الوطنية اليهودية حول ضمانات متبادلة لشعب إسرائيل، الأمر الذي يزيد هزيمة المعنويات التي تسبب بها السنوار لإسرائيل في السبت اللعين. وبعد، لم نقل شيئاً عما بدأ يلوح في الأفق كبداية لـ “فتنمة” [من فيتنام] قطاع غزة – بدون شك هذا أحد الأهداف بعيدة المدى التي وضعها السنوار أمامه عندما خطط ليوم الإبادة الجماعية القاتل للإسرائيليين.

في المقابل، الامتناع عن القتال “كان يمكن أن يقرب الاجتثاث المأمول لحماس، أكثر من استمرار بقائها. تخيلوا أن بعد 7 أكتوبر على الفور، بدلاً من شن الحرب العادلة، لكن غير الحكيمة ضد الوحش الحمساوي، التي تحولت بسرعة إلى قتل جماعي للمدنيين الذين يتم استخدامهم كدروع بشرية ، أطلقت إسرائيل سراح مروان البرغوثي وعقدت سلاماً دولياً بمشاركة السلطة الفلسطينية الجديدة المعززة والسعودية ومصر وقطر ومعظم الدول الغربية، من خلال السعي لتبني مبادرة السلام السعودية بالصيغة المعدلة بدرجة معينة. كل ذلك مع وضع شرط لا يمكن تجاوزه، وهو إبعاد المنظمة القومية الإسلامية من غزة ومن قيادة فلسطين بشكل عام – إضافة إلى إطلاق سراح جميع المخطوفين على الفور.

المنطق يقول إن خطوة دبلوماسية قاطعة كهذه كانت ستشكل ضربة قوية تصيب قيادة حماس بصدمة قوية، وبعد ذلك، لأن عملاء الفوضى، روسيا والصين، كانوا سيضطرون إلى الانضمام لهذه الخطوة التي تعني تعزيز حل الدولتين، كان يمكن تشديد القبضة الدولية حول هذه المنظمة، الأمر الذي سيكون ناجعاً أكثر بكثير من أي ضغط عسكري.

رغم قتل أكثر من 25 ألف غزي، ما زالت هذه الخطة واقعية. أدرك بأن معظم الجمهور الإسرائيلي ستعتبرونها “خطة يسارية خيالية”، ولا توجد أدنى احتمالية بأن تتبناها القيادة الإسرائيلية في المستقبل المنظور. حتى الآن ما دام الأمر يتعلق بفكرة وقف القتال والانسحاب من قطاع الموت والدفع قدماً بصفقة تبادل للمخطوفين، بدون الإضافة “الخيالية” وهي السعي إلى عقد اتفاق سياسي، فإن أعضاء اليمين غير البيبي على استعداد، كما نقدر، للاقتناع بأفضليتها على استمرار التمرغ في وحل غزة، وكذلك الاعتراف بالإمكانية الكامنة فيها كي تجلب لإسرائيل الانتصار الحاسم على حماس على المدى البعيد.

إطلاق سلاح معظم السجناء الفلسطينيين أو جميعهم مقابل إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين سيسبب في الحقيقة للسنوار وعصابته الشعور بإخضاع “العدو الصهيوني”، وإن سحب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف النار سيعطي حماس فرصة لترميم قدرتها العسكرية. ولكن عقب مشهد الانتصار المزيف هذا، ستدخل حماس إلى حالة نشوة أكبر من التي أصابت إسرائيل بعد حرب الأيام الستة، نشوة تنطوي على الغطرسة والعمى. إسرائيل لن تجلس مكتوفة الأيدي، بل ستستخلص الدروس من فشل السبت اللعين ومن الإخفاقات الاستراتيجية التي سمحت به. وستقوم بعملية فحص داخلية شاملة على مستوى التخطيط والتنفيذ على حد سواء، وستعد ضربة عسكرية مفاجئة وقاتلة توجهها لغزة الحمساوية في الوقت المناسب.

الطريق إلى الانتصار من هزيمة مثل هزيمة 7 أكتوبر تمر بالضرورة من خلال الاعتراف بالهزيمة، وبالطبع تصحيح مسبباتها. الحديث يدور عن تقوية النظم الأساسية، الأمر غير الممكن بدون التوقف لفترة عن المعركة العسكرية. من هنا فإن وقف القتال ليس هو ما سيعيد المخطوفين، بل قد يوفر الظروف الضرورية لتحقيق الانتصار العسكري في المستقبل. التصحيح الأول الذي سيتم بعد توقف الحرب على الفور من أجل السماح بخلق هذه الظروف سيكون بالطبع إقصاء الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي عن قيادة الدولة. وبالتالي، هذا الشخص يسوق دائماً كذبة مفادها أن وقف إطلاق النار يعني الاستسلام لحماس. من المؤسف أن هناك من هم مستعدون لتصديق هذه الكذبة حتى في أوساط الذين يدركون حقارته.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى